يبدو أن شبابنا جد متعطش للثقافة، ويقدس المثقفين والفنانين إلى درجات رهيبة، ربما تقارب تقديس إخواننا النصارى لمريم العذراء، والعالمين اللاهوتيين أوغسطين وتوما الإكويني. ومما يثبت هذا التعطش والتقديس تلك الكومات الشعبية المصطفة على جوانب الطرقات الرئيسية في العاصمة والتي تشرفت بوطء أقدام مختلف أجناس وأعراق القارة السمراء أمسية السبت الماضي، تمهيدا للانطلاق الرسمي للمهرجان الإفريقي الثاني. ومن أطرف ما تداولته بعض الجرائد هو إقدام مجموعة من الشباب على اختطاف فتاة إفريقية وهي ''تزلبح'' ذات اليمين وذات الشمال في رقصات إفريقية تسر الناظرين، وتخطف الألباب، وتغري المشاهدين المشدوهين والمدهوشين بخطف خاطفة الألباب، لولا يقظة مصالح الأمن ورجال الشرطة. ولا يجب تفسير هذا التصرف الحضاري إلا في إطار العشق القاتل للثقافة الإفريقية، والمثقفات الإفريقيات على طريق تافورة باب الوادي بالخصوص، ولا لوم على شبابنا الذي غابت بلاده عقودا عن هكذا مواعيد لأسباب يعرفها القاصي والداني. وأخشى ما يخشاه البعض، هو أن تتحول شوارع العاصمة بعد نهاية المهرجان الإفريقي الثاني إلى سوق كبير لباعة المسك والسواك، بعد أن ''يحرق'' بعض هؤلاء أو أكثرهم من قرية الفنانين بأولاد فايت إلى شوارع ''السكوار'' و''الساكري كور''، وهم مدركون أن دقائق قليلة تفصلهم عن الضفة الشمالية انطلاقا من كعبة الأحرار، ولا بد من ''تاويل'' في ''السكوار'' وهذا هو الاختطاف الأعظم.