أكد الدكتور أحمد صادق أحمد أستاذ اللغة الإنجليزية واللسانيات التربوية والسياسة اللغوية من جمهورية السودان، أن الحل الوحيد للمحافظة على هوية الأمة الافريقية والعربية على حد سواء هو الإسراع في تحرير هذه الدول من الهيمنة الاستعمارية . ويتحدث الدكتورصادق احمد في هذا الحوار عن الأسس الواجب توفرها في إنشاء دولة وطنية بكل مقاييسها، وكذا عن الحركة السردية في الجزائر . لماذا نركز دائما على المشاكل السياسية في حل قضايانا في حين أن الثقافة هي المستهدف الأول؟ هذا صحيح، الدول الإفريقية وكل الدول المستضعفة في العالم تركز على الجانب السياسي والاقتصادي بغض النظر عن الثقافة التي تشكل أهم العوامل التي تستولي عليها الدولة المهيمنة، وهي سبب مشاكل القارة السمراء ، فعلا اننا إذا تكلمنا عن هيمنة الدول المتقدمة أو الإمبريالية العالمية مثل ما تفعله أمريكا مع الشعوب المقهورة .. تجديننا دائما نتحدث من وجهة نظر أيديولوجية معينة، لكن بالكاد نتناول هذا الأمر من جذوره الثقافية رغم أن هيمنة الغالب على المغلوب تبدأ مباشرة من الثقافة قبل السياسة أو الاقتصاد بضرب أبرز المقومات الأساسية لهذه الشعوب . وكيف نحرر أنفسنا من هذه الهينة؟ أولا يجب أن نلتفت إلى ذواتنا علينا استدعاء كل التراث الذي يميز خصوصياتنا وأن نعيد النظر في عمق الأسئلة الخاصة بهويتنا، الهوية بالدلالة الإبستيمية أو الهوية المعرفية وليست الدلالة التي تتصل بالعرق أو تلك المرتبطة بالجغرافيا، أبدا الهوية تعني الذات .. ثانيا على شعوب العالم الثالث أن تعيد النظر فيما يسمى بدولة ما بعد الاستعمار لسبب واحد هو ان حقيقة هذه الدول التي تشكلت ما بعد الاستعمار هي دول ضعيفة وهشة لا لسبب إلا لأنها لا تتبنى تراثها الثقافي. لنؤسس دولة حقيقية بكل المقاييس. ما هي الدولة الحقيقية في نظركم؟ يجب الوصول أولا إلى إنشاء دولة حقيقية دولة وطنية بكل مقايسها وأطرها دولة تسكن وترعى وتعي كل ما يحيط بشعبها اقصد الدولة التي تقترب أكثر من شعوبها وتحصنه بمبادئ واسس قوية. لا بد أن يعرف الشعب كل ما يدور في دولته . وعليه لابد أن نخطو خطوات جوهرية وحقيقية لانشاء دولتنا هذه. اللغة هي أحد المقومات التي تشكل هوية الأمة ، والدول الإفريقية أغلبها تبنت لغة المستعمر كلغة رسمية أو كلغة ثانية بعد الوطنية ألا تتفق معي أن الثقافة الإفريقية من هذا المنطلق اصبحت عرجاء؟ نعم هي كذلك والسبب هو أن المستعمر أصر على عدم الخروج من أرض سبق وأن احتلها لسنين طويلة .. بمعنى أن الدول التي خرجت من الحكم الاستعماري أجبرت على التعامل بلغة المستعمر، وأكثر من ذلك فهم يحققون انتماءهم مع مرور الوقت لحساب هذه اللغة ، علما أن اللغة لا تمثل فقط هوية الإنسان إنما هي تاريخه وانتماؤه الحضاري و ذاكرته وتاريخه أي هناك ارتباط جدلي بين الهوية واللغة. بصفتك أستاذا في اللسانيات ولك اهتمامات أدبية، كيف تقيم الحركة السردية في الجزائر؟ هناك أصوات كثيرة في عالم الكتابة هنا بالجزائر فهي تسير بخطة سريعة نحو الرواية العالمية وعلى رأسهم كاتب ياسين في روايته ''نجمة'' التي دخلت التاريخ واصبح معروفا عالميا ، إلى جانب رشيد بوجدرة في روايته '' التفكك''، والمفكر والمنظر الإسلامي محمد أركون، جمال الدين بن شيخ الذي تعد كتبه من أعظم كتب الأدب العربي حيث أعاد كتابة '' ألف ليلة وليلة'' وله موسوعة عن الرواية والسرد في العالم العربي .