انبثقت من رحم المعاناة لتصور إحساساتها برؤى خاصة، تحمل في خفاياها ثورة الرفض للواقع الذي يضج بالوجع والألم والضياع في زمن طغت فيه مقولة البقاء للأقوى، في ظل انتشار العنصرية، الفقر المرض والعبودية. هي المصورة الفوتوغرافية البوركينافية بولا كيري التي التقتها ''الحوار'' في معرض ''بريق افريقيا'' في إطار المهرجان الإفريقي الثقافي الثاني بالجزائر وكان لنا معها هذا الحوار. ماذا تصور بولا كيري؟ أصور المناظر المؤثرة.. معاناة شعوب إفريقيا من فقر، مرض، عبودية، عنصرية...أصور كي أعبر عن داخلي الذي يكتنفه الحزن والفرح في آن، وأضع إحساسي على مساحة بيضاء، وأغدو بين الحاكم والمحكوم، الناقد والمشاهد ونفسي الفنانة... كيف تنظرين لشخصيتك الفنية؟ شخصيتي تتصارع بين الحياة والموت والواقع والخيال، ومبدأ التصارع في المشاهد التي أراها في حياتي والأثر الذي تتركه في ذهني تلك المشاهد.. هذا ما يجعلني أطلق عدسة كاميرتي بقوة وجرأة، دون أن أنظر بعين الاعتبار لشيء، فقط لكل واقع أليم مر وحقيقي... هذه هي شخصيتي الفنية، إنتاج الصورة المضمخة بالمعاناة للمشاهد على الطريقة الفنية... ما هي ملامح رؤيتك الفنية وآفاقك في البعد الآخر التي تحاكينها عبر صورك الفتوغرافية؟ أحاول أن أخلق من أعمالي الفنية ما هو الأقرب تعبيرا عن حياتنا وسلوكياتنا وتصرفاتنا في عيشنا اليومي، وهكذا يجب أن نسعى في محاولة لعلاج هذه المشاكل والرؤى في الطريقة الفنية، ولكل منا أسلوبه الخاص على طريقته الخاصة. بالنسبة لي فإن كل فنان محكوم لريشته وألوانه وعدسته.. تحت عنوان إيصال الرسالة للمجتمع من جهة، وأيضا للذات ومن ثم التعبير عن ملاحظات عامة... ورؤيتي للفن في القريب والبعيد أن أخاطب المجتمع بالفن والفنان وأخاطب نفسي كذلك قبل مجتمعي، وهذا ما نضعه من خلال الإبداع والخبرات والشخصية أي كان نوعها وارتباطها وتعبيرها... الواقع الأليم إذن هو الدافع الذي قادك إلى خوض غمار التصوير الفوتوغرافي؟ الواقع الأليم في هذا العصر والذي يلقي بثقله علينا جميعا، نحن شعوب افريقيا، هو الدافع الذي يجعلني ألتقط الصور لأتحدى هذا الواقع على طريقتي الفنية... لأن تقلبات حياتي والمراحل التي أمر بها، تجعلني أتأثر وتزداد لغة الفن عندي، فأترجمها على طريقتي، وأحاول قدر الإمكان رسم المشهد والإحساس والرغبة داخلي، وأنفذها بسلوكيات وجماليات من الصور والألوان الداكنة. إلى ما تتطلع وتطمح بولا كيري؟ أطمح في البداية أن أثابر على نشاطي وأحافظ على حيويتي، وأن أتمكن من أن أرسل إلى المشاهد ما يوجد في دواخلي من أفكار فنية وقدرة التمييز لما حولي... فأنفذ الكثير من الأعمال الفنية، ويمكنني أن أرى الفن، في ما بعد وأن أحافظ على هذه القدرة التي أمتلكها الآن.