لكثرة ما تتوالى الأنباء التي ينقلها ''الرائي'' للمشاهد حول مجريات الأحداث الفلسطينية كدنا نألف تلك الصور التي يعبث فيها شذاذ الآفاق بإنسانية الفلسطيني الذي عرفته تلك الأرض قاطنا ومالكا وصانع تاريخ منذ عصر الجبارين إلى عصرنا الذي اختلط فيه الماء الزلال بالحمأة والطين. وفي عصر السكوت عما يدور بثالث الحرمين وأولى القبلتين لا يهولك إلا عبارات طائشة ذات الشمال وذات اليمين، فيها يدعي متعالمون في ميدان ''ساس يسوس'' بعبارات في اعتقادهم أنها تصكك إذا رحت تخبرهم عن واجب النصرة لمن يجمعنا وإياهم الدين واللغة والتاريخ ، ووجوب وضع حد لعربدة بني صهيون، بأنه لسنا أغير من الفلسطينيين على بلدهم، ناسيا أو متناسيا أو جاهلا بالمرة أن هذه القطعة من الكرة الأرضية لها مالها من القداسة التي انطلقت منها جل الديانات والحضارات، وأنها كانت شرقا بالجغرافيا ومشرقا لكل المعاني والروحانيات التي تنعَّم بها بشر كثير من خلال وصايا وتعاليم الأنبياء والحكماء. هل كتب على العربي أن يتجرع الذل كل هذه المدة ، وإلى متى ستظل سياط المعتدي تلهب ظهور العزل إلا من سلاح الصبر على أرض ودين وعرض، وإلى متى يعنُّ لليهود أن يهجموا ولا يخشون مغبة هجومهم، أو أن يمزقوا ويمزعوا دون رعب يسكن الأفئدة من احتمال انقلاب السحر على الساحر، ولقد ادلهمت ظلمات الخطوب لكنه ما آن لفجر الحرية أن ينبثق، والأكيد أنه لن ينبثق مادام الشعور الذي يجمع اليهودي القادم من روسياالشرقية مع صنوه الآتي من أوروبا الغربية وأمريكا، بوجوب تكاثف الأيدي والوقوف وقفة رجل واحد على قلب واحد مفتقَد عشر معشاره لدى المتطاحنين على لعاعة الدنيا في فلسطين فضلا عن بقية بلاد العرب، ولا أدري فالقوانين الإنسانية والحيوانية تستدعي مجابهة الخطر الداهم ، ونسيان الخلاف ، وقد اقتحمت قوات إسرائيلية خاصة صباح أمس ساحات المسجد الأقصى المبارك، وسط إطلاق كثيف لقنابل الغاز والرصاص المطاطي، ما أسفر عن إصابة نحو 11 من المصلين المتواجدين داخله واعتقال نحو 15 آخرين. وأفادت مصادر داخل الحرم القدسي أن قوات الاحتلال تحاول اقتحام المسجد القبلي، وتأمين ممر آمن لبعض الجماعات اليهودية لأداء طقوسها التلمودية. والمأمول أن يجد النداء الذي حث فيه قاضي قضاة فلسطين الشيخ تيسير التميمي عموم أبناء الشعب الفلسطيني للنفير العام وشد الرحال للمسجد الأقصى للتصدي للجماعات اليهودية المتطرفة التي تنوي اقتحام المسجد، فهل من دواء لداء الطحين الذي أصابنا في مقتل.