وجد الإعلام المصري فرصة ذهبية أخرى لمواصلة هجمته على الجزائر بفضل احتضان مصر لفعاليات كرة اليد الإفريقية، حيث تجندت الفضائيات مجددا وسنت رماحها نحو الجزائريين بكل قوة ودون ملل ولا هوادة، وكأن لا شيء صار يشغل الرأي العام المصري ولا المواطن المطحون الذي يقتل يوميا بسبب أنبوبة غاز البوتان، سوى الجزائر والجزائريين. استقبلت الفرق الجزائرية في مطار القاهرة هذه المرة على غير عادتها بالورود من طرف السلطات والجماهير المصرية، بل وأكثر من ذلك استجلب لها جمهور غفير من المشجعين المصريين الذين اكتظت بهم المدرجات على آخرها لمناصرة الفرق الجزائرية على حساب الإفريقية، شيء لطيف حتى ولو لم يكن له داع، إذ كان يكفي أن يستقبل الجزائريون كغيرهم من الفرق دون هذه المبالغة في الترحاب وما كنا سنغضب لذلك بالتأكيد لأننا نعرف ''ما في القلب''، لكن أن يبرمج مع كل هذا الترحاب حملة مجددة ضدنا، فهذا غير مقبول البتة. من ضمن الحصص الرياضية التي تحججت بكأس إفريقيا لكرة اليد لتطرح موضوع الجزائر بقوة ''الكرة مع شوبير'' التي تبثها قناة الحياة وينشطها المعلق الرياضي والحارس الدولي السابق أحمد شوبير، حيث استضاف المعلق التونسي ورئيس البرامج الرياضية بالجزيرة الرياضية هشام الخلصي ليمطره بوابل من الأسئلة التي تدور كلها حول الأزمة المزعومة مع الجزائر، والتي ادعى شوبير أنها من نبض الشارع المصري. كانت المقدمة التي استهل بها شوبير حصته بمثابة الطعم الذي لم يخف على أحد، حيث اعترف بأنه خرج من ملعب أم درمان بالسودان تحت حراسة جماهير جزائرية، لكنه خشي أن يقول ذلك لأنه تعرض لتهديدات صريحة من طرف مجهولين. كما أكد بأنه لقي كل الترحاب في الجزائر والحفاوة والود، لكنه حينما عاد تلقى تهديدات خطيرة من المصريين، بعضها كان يحمل عبارات صريحة وخطيرة، كل هذه المقدمة أمام المعلق التونسي، قبل أن توجه له عبارات اللوم لأنه لم يفرح للمصريين حينما تحصلوا على كأس أمم إفريقيا، وعلق البعض بأن علامات الغضب كانت بادية عليه، فرد بأنه لا غضب ولا فرح لأنه رياضي محترف وينتمي بجدارة إلى مدرسة الحياد. وحوصر بعدها بكم من الأسئلة التي صيغت في الأستوديو وأريد الترويج بأنها من ''نبض الشارع'' المصري، تلك العبارة التي تهكم عليها كثيرا الخلصي، وعلى رأسها تصريح طارق دياب اللاعب والمعلق التونسي الذي هاجم زميله المصري نادر في الأستوديو بعد أن أهدى فوز المصريين إلى العرب بقوله: ''تحدث عن المصريين ولا دعوة لك بالعرب''، ثم أضاف بأن العروبة انتهت مع زمن عبد الناصر. وسعى شوبير إلى افتكاك تصريح من هشام ضد زميله طارق دياب، لكنه كان أكثر حنكة منه وأجابه: ''أنا أحترم رأي طارق، وليس لكم أن تغضبوا منه لأنه لم يسب المصريين، ولا قذفهم بسوء، كل ما قاله هو رأيه الشخصي في أن العروبة انتهت مع عبد الناصر وهو رأي سياسي وليس رياضيا حتى ألومه عليه''. ولم يكتف شوبير بذلك، بل وجه له سؤالا أكثر مباشرة: ''لماذا لم يهنئنا الجزائريون على الفوز وراحوا بدل ذلك يلصقون التهم بالحكم، رغم أننا نعترف بأنه اقترف بعض الأخطاء التحكيمية، لكن المصريين كانوا الأفضل وكسبوا، ولماذا لم يفرح لنا التوانسة؟. ولما كثرت الأسئلة على هشام الخلصي، اضطر إلى إخراج جواز سفره التونسي وهو يؤكد: ''أنا لست جزائريا أنا تونسي''. ولم يجد شوبير ما يختم به حصته الهزلية حول كل ما هو جزائري سوى أن يقترح على رئيس البرامج الرياضية بالجزيرة تنظيم مباراة ودية بين مصر والجزائر لإعادة المياه إلى مجاريها، لكن هشام الذي بدا عليه الضيق الشديد من محاصرة شوبير له بالأسئلة التي لا تخرج عن نطاق الجزائر شكلا ومضمونا، أفحمه بقوله: ''أرحب بفكرتك، لكن لدي فكرة أحسن، لماذا لا نفكر في مقابلة ودية بين فريق مصر وفريق غزة مثلا'' .... لماذا الجزائر؟ وطبعا كانت هذه العبارة كفيلة بأن تضع حدا للغط شوبير والذي هو سمة كل المصريين في الحقيقة.