لم تثن العوائق والصعوبات المرأة المعاقة في الجزائر عن تحقيق ما تريد، بل طورت من اهتماماتها وانتشرت إنجازاتها لتثبت أن الإعاقة ما هي إلا دافع من الدوافع للاستمرار في الحياة، ووهيبة امرأة التي أعطت الكثير وتركت بصماتها على حياة غيرها وصنعت من التحدي مسيرة لنضالها وأصبحت المرأة النموذج. أفقدها المرض قدرتها على الحركة وجعلها طريحة الفراش وحرمها من التمتع بشبابها رغم صغر سنها، وكانت عائلتها السند الوحيد والمباشر لها. عرفت بالحركة والنشاط وحب الحياة وتحقيق الإنجازات، فلم تعقها إعاقتها ولم تستسلم لها بل واصلت مشوارها إلى ما هو أفضل مما سبق. يحبها الجميع لقلبها الواسع والذي ينبض بحب الحياة، ويتمنون لها الخير والصحة لما حققته من مساعدات للكثيرين، فلم تتوان عن مساعدة الآخرين ولم تكتف بمساعدة شخص أو اثنين بل حلمها أن تنجز ما هو أكثر من ذلك. ساهمت في فتح مناصب عمل إعاقة وهيبة لم تكن إلا دافعا لخلق حياة جديدة لها اتسمت بمساعدة الآخرين والبحث عن مساعدتهم بجميع الطرق والوسائل الممكنة، بعد أن كانت إنسانة عادية تسعى لأن تعيش حياة بسيطة، لكن الإعاقة جعلتها تفكر في الكثير من المشاريع لعلها تضفي البسمة على وجوه الآخرين وترجع الثقة بأنفسهم. وبدأت وهيبة مشوار حياتها في ببيع الورود بكرسيها المتحرك، فعلى حد قولها، أن تبيع الورود خير من أن تنتظر مساعدة الآخرين. وفعلا طورت ذلك واستطاعت أن تساعد أشخاصا آخرين بفتح مجال العمل في نفس الميدان وقامت بتوظيف فتاتين حتى تجنيا رزقهما بنفسهما ولا تسلكان الطريق الخاطئة. فكانت تشتري الورود بنفسها ثم تقوم الفتاتان ببيعها وما تجنيانه يعود بالفائدة عليهما، ضف إلى ذلك فقد وفرت لهما مصدر رزق آخر تسترزقان به وهو بيع الحلويات، حيث تجلبها من قسنطينة خصيصا لتباع بعد تغليفها. ولم تكتف وهيبة المرأة الصلبة بذلك، بل وفرت سكنا للعديد من الفتيات خاصة اليتيمات في منزلها بما أن مسكنها واسع، حتى لا يحتضنهما الشارع وتعانيان من قسوته، فهي لا تعيش سعيدة إذا كانت هناك امرأة تعرضت للإهانة. انخرطت في الجمعيات الخيرية لتساعد الأيتام مساعدة الأيتام وإدخال الفرحة إلى قلوبهم كان حلم وهيبة منذ الأزل، وفعلا حققته بسعيها المستمر وبإرادتها نحو ذلك واستطاعت أن تغير الكثير من حياة الأشخاص خاصة الأيتام المعاقين وأضفت على حياتهم الأمل والحياة من جديد. وسعيا منها دائما استطاعت أن تجمع الكثير من الشباب الأيتام فيما بينهم وتعريفهم ببعضهم حتى يتم الزواج، وفعلا كان ذلك وساهمت في تزويج 30 يتيما بمساعدة بعض الجمعيات الخيرية دائما ولكن الفضل الكبير كان من طرفها طبعا. ولم تكتف بذلك بل ساهمت في مساعدة العرسان بتقديم حلويات خاصة من صنعها ليلة العرس، تعبيرا منها عن مدى حبها للوقوف إلى جانب هاته الفئة، فمن يحس بهم إلا من عاش التجربة. وأحلام وهيبة وطموحاتها لا زالت مستمرة ما دامت كل خلية تنبض في جسمها تنادي بمساعدة الآخرين، ورغم إعاقتها وعجزها وحاجتها هي بدورها إلى المساعدة إلا أن ذلك لم يكن عنوانا لحياة وهيبة بل أرادت أن تكون المرأة الجزائرية، حتى وإن كانت معاقة، مثالا للإنجازات العظيمة، وحتى وإن مازالت بعضهن يعرفن التهميش ومازالت المرأة تسعى لوحدها وتناضل لمساعدة الآخرين ولو بإمكانياتها الخاصة. وأرادت وهيبة بمناسبة الثامن من مارس أن تهدي ألف تحية وتقدير لكل امرأة جعلت من إعاقتها دافعا لمساعدة الآخرين، وألف تحية لكل أم وامرأة جزائرية تسعى لأن تعيش بكرامتها.