أعرب احمد عدنان سالم رئيس اتحاد الناشرين السوريين خلال اللقاء الذي خص به جريدة الحوار عن امتعاضه إزاء السياسة التي تتبعها الدول العربية اتجاه الكتاب هذا الاخير الذي قال بشأنه انه أنهكته القيود بفعل الرقابة المفروضة عليه . كما يكشف لنا عدنان عن مشاريع اتحاد الناشرين العرب وقضايا أخرى تكتشفونها في هذا الحوار . تتحدثون دائما عن محاولة التأسيس لسوق عربية مشتركة كيف يمكن تحقيق ذلك في ظل وجود اختلالات على مستوى الساحة المحلية؟ المشكلة عربية وليست محلية أو إقليمية، فالناشر العربي يطبع من كل عنوان جديد ينشره نسخة واحدة لكل مليون فرد عربي، فماذا يمكن لهذه النسخة أن تفعل لتغيير الواقع؟ أعتقد أن موضوع التوزيع هو إحدى المشكلات التي تسيء للكتاب وثمة مشاريع مطروحة الآن ويهتم بها اتحاد الناشرين العرب للقضاء على هذا المشكل حتى يجد الكتاب طريقه إلى مختلف الدول العربية . هل لنا أن نعرف أهم هذه المشاريع التي سطرتها هيئة اتحاد الناشرين العرب كبديل عن مشروع السوق العربية المشتركة؟ الآن نحن بصدد التحضير لإنشاء شركة توزيع عربية مشتركة للكتاب، تستطيع أن تدير توزيع الكتاب بطرق علمية مدروسة، وأعتقد أن مثل هذه الشركة التي لها قدرة على استيعاب حركة النشر في الوطن العربي من شأنها التغلب على العديد من المشاكل التي تعترض حركة النشر في الوطن العربي، وفي مقدمتها موضوع النقابات المحلية المتعارضة، فالكتاب العربي الآن مقطع الأواصر. فهذه الشركة بحكم علاقاتها تستطيع أن تتفاوض مع السلطات المعنية فيما يخص القيود التي تفرضها هذه الأخيرة على الكتاب حتى يسمح بنقله من بلد لآخر دون أي رقيب. كما أن هناك مشكلة الائتمان التي يعاني منها الناشرون، فهذه الشركة سيكون لها القدرة على احتواء هذه المشكلة مع التركيز خلال العمل على الموزعين الملتزمين الأمناء الذين سيكونون أصحاب مصلحة في التعامل معنا، حيث ستكون لنا الفرصة لمراقبة النشر وطبع الكتب التي تعاني من شيح الرقابة في الوطن العربي. نحن نعاني من مشكل التزوير والسبب يكمن في أن مجتمعاتنا تجاوزت القوانين وهي مشكلة مستعصية جدا إذ يبلغ حجم التزوير والقرصنة في مجال الكتاب حوالي 65 بالمئة من حجم تداول الكتاب في الوطن العربي، وهي مشكلة تشل الناشر العربي إذ لا يستطيع ان يقوم بوظيفة الشرطي الذي يتابع لصوص الفكر المتباعدين. هذه المشكلة أثرت بشكل واضح على الناشر، إذ أن كل ناشر قد يقدم 100 عنوان جديد فلا ينجح إلا عنوان واحد. قامت هيئتكم مؤخرا بإطلاق حملة ''خذ الكتاب بقوة'' في سوريا، فهل لك أن تحدثنا عن هذه التجربة؟ زخذ الكتاب بقوة'' هي محاولة للقضاء على ظاهرة العزوف عن القراءة ورفع وتيرة القراءة عند المواطن العربي، فأردنا من خلال ذلك أن نقدم كتبا لا تتجاوز 50 صفحة وموضوعها يخص الإنسان العادي، فيضعه في جيبه ليستغل كل وقت فراغه في قراءته.. وبالفعل تم خلال تلك الفترة توزيع كل الكتب مجانا ولاقى المشروع استحسان السوريين وهدفنا الآن طباعة مليون نسخة للمواطن السوري. وهل أتت هذه التجربة بثمارها؟ حققت التجربة نجاحا كبيرا جدا وكان هناك داعمون يتسابقون على دعم الكتاب، كما أن الإقبال كان كبيرا وهذا هو هدفنا الأول والأخير. برأيك ما سبب انتشار ظاهرة العزوف عن القراءة في وطننا العربي؟ تحضرني هنا قصة ربما هي أحسن إجابة على سؤالك. في السنوات الأخيرة كنت أحضر معرض كتاب في تونس، استقلت سيارة أجرة وسألني السائق فقال ''القدرة الشرائية ليست المشكل فلو كان هناك معرض للأدوات الكهرومنزلية لتكالب عليه الناس، بل لأنكم تأتون بالكتاب الذي تسمح به الحكومة..'' الرقابة أساءت للكتاب ومن ثم الإبداع. إذن نفهم من قولك إن الرقابة تشكل خطرا على حرية الأدب والإبداع؟ أنا مع حرية النشر إلى أقصى الحدود، أنا أقول إن الكتاب كان بألف خير قبل أن تكون هناك رقابة عليه، فكان الكتاب يتحرك في مختلف الأقطار العربية دون رقيب، وكان هناك قارئ في كل البلاد العربية ينتظر بشغف هذا الكتاب أو ذاك، وهذا الشيء طبعا كان يحدث عندما كان الكتاب مقدسا وهنا أردد مقولتي الدائمة ''كان موظف الجمارك يبحث في كل الأشياء إلا الكتابس. أعربت خلال مداخلتك في ... عن استيائك الشديد إزاء الكتب الخاصة بالتراث. لماذا هذا الاستياء؟ نحن مقلدون فيما يخص كتب التراث ونحن لا نفعل شيئا. باعتبارك رئيس دار الفكر للنشر والتوزيع. ماهي أهم المواضيع التي تهتم بنشرها الدار؟ دار الفكر تنشر كل المواضيع ولكن ما نعتز بنشره هو فكر العلامة مالك بن نبي، حيث نشعر بأن فكره هو فكر النهضة والحضارة الإنسانية بشكل عام، ونظرا لصعوبة فكر مالك بن نبي فلم يستوعبه كثيرا من القراء العرب لهذا نحن ندعم كتبه بدراسات متعددة تعيد تفكيك فكر بن نبي بما يخدم القارئ، فكثيرا ما كنا نسمع أن فكر مالك صعب. أردنا أن نتحدى فكره المعروف بالصعوبة، وهذا التحدي جزء منه موجه للأطفال، حيث قمنا بنسج 10 قصص أخذت عن فكر بن نبي وأصدرنا السلسلة الأولى بعنوان ''حكايا العم عزوز. هذا ونواصل إنجاز مشروع ''حوارات القرن الجديد'' الذي يقوم على أساس تكليف كاتبين من اتجاهين مختلفين بالكتابة في موضوع واحد شائك على الساحة الثقافية العربية، ثم يعقّب كل منهما على الموضوع وذلك كله من أجل تدريب العقل على قبول الآخر ودراسة فكره قبل أن ينتقده دون دراية.