.. كل كاتب يحلم بذاك القارىء الذي يعلق بكلماته ..الذي يزدرد معانيه ويعشق أفكاره.. ذلك الكاتب الذي يردد عباراته ويحفظ مقولاته .. لذلك نجد الكاتب في بحث دائم عن فكرة بعينها أو موضوع بعينه يقترحه على القارئ ، كتابة مقال ما أو نص ما في أي مجال يجهد الكاتب لأن يستعرض من خلاله مستخلصات شواغله، ويطرح أعز أفكاره، لذلك تراه يدون موضوعه بكل ما يجعل القارىء يحتفي بنصه ويفرحه بما يقترحه عليه من معلومات وأفكار ومواقف ولغة وأسلوب .. كل كاتب يجهد ويسكب عصارة تجاربه وخلاصة فكره حتى يظفر بذاك القارئ الذي لا يمكنه الإستغناء عن قراءة مقاله أو عموده أو كتابه ..لا أطمع من الكاتب مهما كثر قراؤه تراه يطمع بالمزيد وبالأكثر، ولبلوغ ذلك تجده منخرطا في رحلة بحث مضنية من أجل العثور على شيء يصدم به قارئه .. شيء يثير إعجابه وفضوله واستحسانه بما جاء في النص وبصاحب النص ... ولكل كاتب طريقته في استقطاب القارىء ووصفته الخاصة لشده .. والنسب طبعا متفاوتة ومتباينة سواء في مقادير الإعداد أو في طريقة التحضير.. فثمة من يحالفه التوفيق في فهم ذائقة القارىء واستشراف ميولاته وانشغالاته، وثمة من يخطىء رغبات وذائقة القارىء بكتابات وكلمات تسقط كنشاز عن اهتمام اته ومايريد .. لذلك تبقى الكتابة كمنتوج لا مادي قوامه جهد وأعصاب ووقت ودم ولحم الكاتب معرضة إما للقبول والانتشار والتهافت أو للبوار وقلة الإقبال أو عدمه .. بين الكاتب والقارىء علاقة خفية لكنها طاغية الحضور ، قوية القيمة ، مصيرية الهدف ، لأن الكاتب لا يمكنه أن يقول: أنا كاتب ما لم يقبله القارىء... الورق ومن يقرأ الورق هما ذخر وهدف الكاتب..