رغم الضجة الكبيرة التي أحدثها كتاب رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي الذي يحمل عنوان''عميروش.. ميتتان ووصية''، والذي يتهم فيه عبد الحفيظ بوالصوف والعقيد هواري بومدين بالوقوف وراء اغتيال العقيدين عميروش و سي الحواس، إلا أن ردود فعل الأسرة الثورية على هذا الكتاب المثير للجدل جاءت قليلة قياسا بخطورة ما تضمنه هذا الكتاب، خصوصا من جانب المنظمات الثورية التي آثرت الصمت على الخوض على محتواه خاصة وأن صاحبه يزعم الاستناد إلى وثائق يقول أنه تحصل عليها من الأرشيف الفرنسي. وباستثناء الشهادة الذي أدلى به قائد الولاية التاريخية الثانية ورئيس المجلس الأعلى للدولة سابقا علي كافي في تصريح للصحافة الوطنية، فإن كتاب سعيد سعدي قد دفع أغلبية الوجوه التاريخية وبما فيها المنظمات الثورية إلى التزام الصمت وتفضيل عدم الخوض في محتواه وتقديم شهادات بخصوص هذه النقطة خصوصا ممن عايشوا العقيدين عميروش وسحي الحواس و جماعة المالغ التي كانت على الحدود الغربية. ويبقى رد علي كافي الذي أكد فيه أن بوالصوف وبومدين بريئين من موت عميروش وسي الحواس الوحيد الذي يمكن تصنيفه في خانة الشهادة ضد بعض ما ورد في هذا الكتاب، حيث اعتبر علي كافي وهو الذي كان مكلفا بتأمين طريق عميروش وسي الحواس عندما يعبران الولاية الثانية باتجاه تونس قبل أن يغيرا وجهتهما بطلب من قادة الثورة هناك، أن سعيد سعدي كرئيس حزب سياسي لم يعايش أحداث الثورة ، يبقى بعيد كل البعد عن المسيرة التاريخية للثورة، فهو لم يعايشها، و ليس بإمكانه - حسبه- تقديم شهادة منسجمة وبالتالي فهو ليس مؤهلا للخوض في هذه المسائل والحقائق بالشكل الذي يؤهله لكتابة مسائل وأحداث تاريخية بكل موضوعية . ويضاف إلى شهادة علي كافي الكلام الذي أدلى به رئيس جمعية قدماء وزارة التسليح والاستعلامات العامة ''المالغ'' دحو ولد قابلية الذي أكد أن جمعيته سترد على ما وصفه بإدعاءات ومغالطات سعدي، حيث قال ولد قابلية إن كتاب سعدي يحوي الكثير من المغالطات والإدعاءات، مؤكدا أن من مهام جيل الثورة هي تصحيح المفاهيم لدى جيل الاستقلال ونقل الحقائق بكل موضوعية للحيلولة دون إساءة توظيفها وبالتالي تشويه صورة من صنعوا استقلال البلاد. وبالموازاة مع شهادة علي كافي التي اختار أن يطلقها في 8 ماي الماضي فإن بعض ممن عايشوا تلك فضلوا عدم الخوض في الموضوع واتهموا سعدي بمحاولة التسييس. ويشير متتبعون للشأن التاريخي عندنا أن ردود الأفعال خصوصا من المجاهدين تبقى ضعيفة قياسا بالضجة والجدل الذي أثاره كتاب سعيد سعدي الذي يقول أن الاتهامات الموجودة فيه مبنية على وثائق سرية ومراسلات تمت بين قادة الثورة حصل عليها أو سربت له من قبل مصالح الأرشيف الفرنسي. تجدر الإشارة إلى أن وزير المجاهدين محمد الشريف عباس قد سُئل عن هذا الموضوع خلال إشرافه على الاحتفالات المخلدة لانتفاضة 8 ماي 1945 بسطيف وتحاشى التعليق على محتوى الكتاب.