سويعات قليلة تفصل جنوب إفريقيا والقارة السمراء عموما عن دخول التاريخ، بمناسبة إعلان إنطلاق أكبر عرس عالمي والمتمثل في مونديال 2010 الذي ستعطى إشارة إنطلاقه غدا الجمعة بالعاصمة جوهانزبورغ، بإجراء اللقاء الإفتتاحي عن المجموعة الأولى بين منتخب البلد المنظم ''بافانا بافانا'' أمام المكسيك، ثم يليه لقاء المنتخب الفرنسي أمام الأورغواي، لتنطلق بعدها المنافسة بين 32 منتخبا من أجل الظفر بالكأس الذهبية التي سيعيدها الإيطاليون إلى مكانها أملا في إستعادتها يوم 11 جويلية القادم موعد اللقاء النهائي. ولاشك أن الجنوب إفريقيين يريدون إبهار العالم من خلال الإعداد لحفل إفتتاحي كبير، وبعث رسالة ضمنية وقوية ليس فقط لكل أولئك الذين شككوا في قدرة القارة السمراء في تنظيم تظاهرة من حجم كأس العالم، بل لكل إفريقيا والتي مفادها أن هذه القارة قادرة على رفع التحديات النجاح في إتمامها مثلها مثل أي قارة أخرى. وسيكون حفل الإفتتاح مملوءا بالرمزية، إذ سيروي كفاح جنوب إفريقيا ضد التمييز العنصري، ستعرض لوحات تجسد التضحيات في هذا الجانب، كما ستكون هناك وقفة خاصة للرئيس الشرفي للبلاد نيلسون مانديلا، رمز الكفاح في إفريقيا عامة. غير أن التحدي الأكبر الذي ينتظر الجنوب إفريقيين سيكون حتما مرتبطا بالأمور التنظيمية خارج الملاعب، حيث لازال هاجس اللاأمن يخيم على المنظمين والسلطات العليا للبلاد، التي لا تريد أن تحرج أمام الأمم، بأي حادث حتى وإن كان بسيطا. وفي هذا السياق أطلقت السلطات منذ عدة أشهر حملات تحسيسية وسط سكان الأحياء المعروفة بإرتفاع نسبة العنف من أجل التخفيف من هذه الظاهرة والمشاركة في إنجاح المونديال وإعطاء أفضل صورة عن جنوب إفريقيا. وبالمقابل، حاول المنظمون كذلك التهوين من خطورة حادث تدافع الجماهير خلال المباراة الودية الأخيرة للمنتخب النيجيري والكوري بملعب ''ماكولونغ'' إذ أصيب العديد من المواطنين بينما كانوا يحاولون دخول المدرجات بسبب غياب التنسيق بين الشرطة والمنظمين داخل الملعب. وكانت الفيفا في إجتماعها قبل أيام قد ناقشت هذا الأمر، وتعهد المنظمون أن لا يتكرر في المباريات الرسمية. ''الخضر'' بعد 24 سنة وتبرز عودة المنتخب الوطني الجزائري إلى أجواء المونديال بعد غياب عن 5 دورات كاملة، إذ تعد آخر مشاركة ل ''الخضر'' إلى مونديال مكسيكو، ليغيبوا عن مونديال إيطاليا ,90 والولايات المتحدةالامريكية ,94 وفرنسا 98 وكوريا واليابان 2002 وأخيرا مونديال ألمانيا .2006 وتعد الجزائر محظوظة جدا بمشاركتها في هذا المونديال، بإعتبار أنه ينظم لأول مرة في دولة إفريقية، وسيذكر التاريخ أن ''الخضر'' شاركوا فيه. ويبقى الامل معقودا على زملاء يبدة وزياني من أجل تشريف الالوان الوطنية في هذا العرس الكروي الكبير، والإثبات للعالم ان الجزائر تمتلك فريقا استحق التأهل إلى كأس العالم. وسيرفع المنتخب الجزائري راية كل العرب في هذا المونديال، بإعتبار أنه البلد العربي الوحيد الذي افتك بطاقة التأهل، وعليه فإن الضغط والمسؤولية سيكونان أكبر على كاهل اللاعبين والطاقم الفني، في إنتظار اول مباراة رسمية يوم الاحد أمام سلوفينيا. هكذا حصلت جنوب إفريقيا على شرف تنظيم المونديال ولاشك ان جنوب إفريقيا التي ضاع منها شرف تنظيم كأس العالم 2006 بصوت واحد فقط أمام ألمانيا، بذلت مجهودات كبيرة من أجل مواصلة الكفاح لنيل شرف تنظيم مونديال .2010 لقد كانت رسالة جنوب إفريقيا بسيطة ولكن قوية، حيث راهنت على إمتلاكها أفضل الملاعب في إفريقيا كافة، وأغلبها قائم بالفعل، بينما تم تحديث بعضها، والبعض الآخر تم تشييده. وتحظى أيضاً جنوب إفريقيا بدعم تجاري قوي من المؤسسات الدولية الرائدة، كما ان اقتصادها هو الأكثر استقرارا في القارة الأفريقية، وتتمتع أيضا بوسائل إعلام متطورة وصناعة البث الإذاعي، والدعم الضخم الذي يقدمه ملايين السكان بجنوب إفريقيا. علاوة على ذلك، دعمت جنوب افريقيا ملفها بالنجاح الباهر الذي بلغته في تنظيم الأحداث الرياضية خصوصا بعد استضافتها لكأس العالم للرغبي عام ,1995 وكأس الأمم الأفريقية عام ,1996 وكأس العالم لألعاب القوى عام ,1998 ودورة الألعاب الإفريقية عام ,1999 وكأس العالم للكريكيت عام .2003 وتدعمت جهود البلد بالفائزين بجائزة نوبل للسلام يتقدمهم الرجل الرمز ''نيلسون مانديلا'' و''ديزموند توتو'' و''فريدريك ويليام دى كليرك''. واستعانت أيضاً جنوب إفريقيا بالنجوم الإفريقيين امثال: ''عبيدي بيلي''، و''جورج ويا''، و''روجيه ميلا''، و''كالوشا بواليا''، و''فيليمون ماسينغا''، ليكونوا سفراء طلب استضافة بطولة ,2010 كما استعانت ايضا بنجوم آخرين امثال ''لوكاس راديبي''، و''جومو سونو''، و''آس نتسولينغو''، و''غاري مابوت'' ليكونوا داعمين لملف الترشيح. ونُظمت مباريات دولية كبرى في جنوب إفريقيا تهدف إلى إظهار قدرة الدولة، بما فيها مباراة ضد منتخب انجلترا بقيادة نجمه ديفيد بيكام في دربان في ماي عام ,2003 حيث تعهد بيكام قبل ذلك بدعم طلب جنوب إفريقيا. وكللت كل هذه الجهود بأن تم إقناع الفيفا بأحقية جنوب إفريقيا بالظفر بتنظيم هذا العرس العالمي، على أرض جنوب إفريقيا التي تعد مهدا لمكافحة العنصرية، وهي أحد المبادئ التي تدعو إليها الفيفا. وفي 16 ماي ,2004 وفي الساعة الثانية عشرة و 21 دقيقة بعد الظهر، فتح رئيس الفيفا، جوزيف سيب بلاتر، ظرفاً أبيض يحمل نبأ فوز جنوب إفريقيا باستضافة بطولة كأس العالم 2010 بعد تصويت 24 عضوا من أعضاء الفيفا التنفيذيين. حيث حصلت جنوب إفريقيا على 14 صوتا، مقابل 10 أصوات للمغرب، في حين لم يصوت أي عضو لصالح مصر. وشيدت جنوب أفريقيا ستة ملاعب رياضية جديدة وحدّثت أربعة أخرى بملياري دولار على الأقل. ورغم الإشادات التي لقيتها هذه الملاعب من جميع أنحاء العالم فإنها أثارت الجدل حول تكاليفها ومواقعها. وتضم مدينة جوهانسبرغ اثنين من هذه الملاعب هما ملعب سوكر سيتي وملعب إليس بارك بالإضافة إلى ملاعب كيب تاون وموزيس مابيدا في دوربان ونيلسون مانديلا باي في بورت إليزابيث وبيتر موكابا في بولوكوين ومبومبيلا في نيلسبروت ولوفتوس فيرسفيلد في بريتوريا وفري ستيت في بلومفونتين ورويال بافوكينغ في راستنبرغ.