الشرق الأوسط الكبير بين الصهيونية العالمية والامبريالية الأميركية كتاب جديد لمؤلفه الدكتور غازي حسين صدر مؤخراً عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، ويتألف من أربعة أبواب وعدة فصول تعالج كيفية بروز مصطلح الشرق الأوسط على أيدي تيودور هرتزل وزعماء الحركة الصهيونية وتبني الولاياتالمتحدة الأميركية للفكرة وللمخطط الذي وضعته إسرائيل للمنطقة العربية والإسلامية. في هذا الفصل يتناول الدكتور غازي حسين المحور الذي يتعلق بمحاولات تسخير مجلس الأمن للموافقة على الحرب الإستباقية حيث يشير إلى أن الرئيس بوش انطلاقاً من الاستراتيجية الجديدة ''الأممالمتحدة'' أنها لا يمكن أن تكون فعّالة إلاّ إذا وافقت على المخططات الأمريكية, وإلاّ عليها التسليم بأنها ليست إلاّ مكاناً للمناقشات. وأبلغ الجنرال كولن باول المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس ''أن للولايات المتحدة الحق المطلق في القيام بعمل عسكري, فكلما اقتنعنا بأمر ما سنرسم بنفسنا الطريق. وكشف بوش وبلير في قمة جزر الآزور عن ازدرائهما لمؤسسات الأممالمتحدة ووجها إنذاراً للأمم المتحدة بما معناه إما أن تستسلم للمخطط الأمريكي وإلاّ فإنهما سيخوضان الحرب الاستباقية دون الاهتمام بعدم موافقتها, وسواء غادر الرئيس صدام العراق وعائلته بلادهم أم لا. وكرر الرئيس بوش بأن للولايات المتحدة السلطة المطلقة في استخدام القوة لحماية أمنها القومي, وكأن العراق المحاصر والذي دمره الرئيس بوش الأب يستطيع تهديد الأمن القومي الأمريكي. وأظهرت الحرب العدوانية على العراق تشريع الحرب الاستباقية على خطر وهمي مختلق, ولذلك تصبح هذه الحرب أسوأ وأخطر حتّى من الحرب التي أشعلها هتلر, وتظهر أن بوش أسوأ من هتلر ويجب محاكمته بموجب قوانين محكمة نورمبيرغ التي حاكمت مجرمي الحرب النازيين. وأدت الحرب والنتائج المدمرة التي خلفتها وتخلفها يومياً على الشعب العراقي إلى انحسار موجة التعاطف العالمي التي حصلت عليها الولاياتالمتحدة بعد أحداث 11 أيلول وولّدت موجة عالمية من الكراهية والبغضاء إزاء الولاياتالمتحدة وغطرستها السياسية وعربدتها الحربية. ويشير ايضا إلى أن إدارة بوش تحولت إلى عصابة مافيا حيث كرر دونالد رامسفيلد, وزير الحرب الأمريكي كلام زعيم المافيا آل كابوني وقال: ''الكلمة اللطيفة والبندقية يوفران من المكاسب أكثر مما توفره الكلمة اللطيفة دون أي شيء آخرس. وتؤكد الاستراتيجية الأمريكيةالجديدة أن من يملك التفوق العسكري المطلق على الأعداء أو حتّى على الأعداء المحتملين يستطيع أن يفرض مصالحه وأهدافه ويحدد المبادئ ويغيّر (يعدِّل) القانون الدولي كما يحلو له تماماً كما يفعل رئيس الوزراء الإسرائيلي مجرم الحرب شارون في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. فالذين يدافعون عن سيادتهم وثروتهم ومعتقداتهم وأهدافهم ويقاومون الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي يساهمون بحسب منطق الرئيس بوش في صنع الشر ويجب معاقبتهم. دعمت الإدارة الأمريكية وبالتحديد رامسفيلد تسليح بعض البلدان العربية, وسكتوا عن الفظائع التي ارتكبها بعضهم, وذلك خدمة للمصالح الأمريكية, ولكن عندما قررت اليهودية العالمية تدمير الجيش العراقي تبنت إدارة الرئيس بوش تدميره. وكان الإعلام الصهيوني قد أمطر المواطن الأمريكي بمعلومات مرعبة عن الخطر المزعوم الذي يمثله صدام على الولاياتالمتحدة بأسلحة الدمار الشامل التي يملكها وعلاقته القوية بتنظيم القاعدة وخاصة بعد المساعدات التي قدمها لشهداء الانتفاضة، وركز الإعلام الصهيوني على تورّط النظام العراقي في أحداث 11 أيلول .2001 واقنع الإعلام الأمريكي الموجه من قبل الإدارة الأمريكية الشعب الأمريكي بأن صدام يمثِّل الخطر الداهم والشر المطلق لأمريكا على الرغم من استجابة العراق الكاملة لشروط وأوامر المفتشين الدوليين حتّى قبل ساعات قليلة من بدء الحرب العدوانية. إقامة الشرق الأوسط الكبير والحرب الاستباقية على العراق في نفس السياق يشير الدكتور غازي حسين أن الرئيس الأمريكي بوش زعم أن هدف الحرب الاستباقية على العراق هو تدمير أسلحة الدمار الشامل والقضاء على الإرهابيين من تنظيم القاعدة وتغيير النظام وتحرير الشعب العراقي. ونجحت أكاذيب الإدارة الأمريكية وبالتحديد الرئيس بوش وقادة إدارته اليهود في تضليل الشعب الأمريكي وخداعه بأكاذيب لا أساس لها من الصحة على الإطلاق, وثبت بالدليل القاطع كذبها وعدم صحتها ومنها امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وعلاقته مع تنظيم القاعدة. وظهر بجلاء أن الهدف الأساسي من الحرب الاستيلاء على النفط العراقي والقضاء على الدولة القومية والحزب القومي, ومسح الهوية القومية للعراق ورسم خريطة جديدة له وللمنطقة العربية أسوأ بكثير من خريطة سايكس بيكو, وتصفية قضية فلسطين, وإنجاح المشروع الصهيوني في الوطن العربي, وتوطين الفلسطينيين في جنوب العراق تحت ستار خلق التوازن بين الطائفتين الكبيرتين, وتحقيق النظام الشرق أوسطي الجديد, وإقامة اتحاد عراقي أردني إسرائيلي فلسطيني, وسوق شرق أوسطية بقيادة ''إسرائيل'', وتمويل مشاريع الشرق أوسطية من الأموال المتبقية من نفط العراق. طبقت الإدارة الأمريكية الحرب الاستباقية على العراق لتدميره وتدمير جيشه ومنجزاته وتراثه الحضاري ونهب ثرواته النفطية وإبادة شعبه وزرع الفتن الطائفية والقومية فيه. دمرت إدارة بوش العراق بحجة أنه يمتلك أسلحة الدمار الشامل ويهدد الأمن الأمريكي, وثبت للملأ كذب الرئيس بوش بينما تسكت الإدارة الأمريكية عن امتلاك ''إسرائيل'' لأسلحة الدمار الشامل والتفوق العسكري المتنامي على جميع الدول العربية وعن حرب الإبادة التي يشنها السفاح ومجرم الحرب شارون على الشعب الفلسطيني. وكان من الغريب بل من المستغرب أن ينظِّم يهود الولاياتالمتحدة المظاهرات المؤيدة للحرب الاستباقية على العراق ويرفعوا فيها الشعارات التالية ''الحرب تنقذ اليهود'', ''أنتم أعداء السامية'', الرافضون للحرب اذهبوا إلى بيوتكم''، مما أظهر بجلاء تقديس اليهود للحرب ضد العرب والمسلمين. وقف العالم بأسره ضد الحرب العدوانية, وقال لا للحرب, لا للحرب النفطية على الشعب العراقي, بينما أيدت اليهودية العالمية ودعمت ''إسرائيل'' الحرب بالإمكانيات كافة. وتجاهلت الولاياتالمتحدةالأمريكية مجلس الأمن الدولي والأممالمتحدة ونداءات البابا والكنائس في أوروبا, ورجال الدين الإسلامي والمسيحي وجميع شعوب العالم, مما وضع ويضع القاعدة الأساسية للحوار والتعاون والتنسيق بين الديانتين المسيحية والإسلام فقط. وفي الأول من أيار عام 2003 أعلن الرئيس بوش من على منصة حاملة الطائرات ''ابراهام لنكولن'' أنه حقق نصراً في الحرب على الإرهاب بعد أن أزال أحد حلفاء تنظيم القاعدة, على الرغم من وقوع الولاياتالمتحدة في مستنقعات دجلة والفرات وثبوت عدم وجود علاقة مع تنظيم القاعدة. وزادت الحرب الاستباقية من التدمير والدمار والقتل الذي يعم جميع أنحاء العراق. وتصاعدت مقاومة الاحتلال الذي تنعته أمريكا بالإرهاب في جميع قرى ومدن العراق باستثناء الشمال العراقي.