دفع رمضان النساء العاملات إلى الاستنجاد بالوصفات أو الأطباق الجاهزة ونصف الجاهزة، لتزيل عنهن همّ ضيق الوقت، وما يتطلبه رمضان من تحضيرات مكثفة في اللحظات الأخيرة يدفعهن إلى الهرولة لاقتناء الكيفيات نصف الجاهزة أو الجاهزة لحفظ ماء الوجه. تتحجج الكثير من النساء العاملات بضيق الوقت في رمضان، وهو ما جعلهن يخترن أقصر الطرق للحصول على أطباق لذيذة يزين بها موائدهن الرمضانية. وقد وجدن في الوصفات والأطباق التي تباع نصف محضرة ولا يتطلب إعدادها منهن غير إشعال الفرن، فرصة للتنويع مع اختصار الوقت وأخذ أكبر قسط من الراحة. وحتى إن كانت تباع بأسعار مرتفعة إلا أن درجة الإقبال عليها بدى عالية وفي مختف أسواق العاصمة الشعبية وخاصة لدى الجزارين الذين تفننوا في صنع أكبر عدد من الوصفات وأكثرها إقبالا وطلبا من قبل النساء كالكبدة المشرملة والبوزلوف وغيرها، حيث توضع في علب حسب رغبة وطلب الزبونات ويتم عرضها وبيعها للنساء العاملات اللاتي يتوافدن بكثرة على هذه المحلات. ولا ندري إن كان كسبا للوقت أو كسلا منهن أو رغبة في الظهور وعدم تقليل منزلتهن أمام النساء الماكثات في البيت. ويقوم الباعة بتحضير هذه الأطباق مسبقا ويضاف إليها المرق المخصص لها، والأكيد أن رائحة البهارات المكونة لهذه الأطباق دفعت بالكثير من النساء إلى الاعتماد عليها خاصة لمن قمن بشرائها أكثر من مرة ونجحن في كسب ثقة أفراد العائلة بأطباق محضرة مسبقا وبأيدٍ أخرى. وللبوراك والأطعمة الجاهزة زبائن دائمون تحرص النساء على اقتناء الأطباق نصف الجاهزة التي توفر بها نصف الوقت وتريح نفسها من عناء العمل وتعب الصيام. بالإضافة إلى ذلك أصبحت المرأة العاملة تبحث عمن يريحها فحسب دون السؤال عن مصدر وطبيعة هذه المواد، وأصبحت تبحث عن الجديد والجاهز في عالم الطبخ والمأكولات الجاهزة كالبوراك والبريك وأنواع السلاطات التي تباع في علب محضرة مسبقا، بالإضافة إلى ما اعتدن على شرائه جاهزا كالمطلوع والحلويات الأخرى التي كان شراؤها في الماضي ضربا من المستحيل للمرأة العاملة، حيث كانت تحرص على صنعها بيدها. وتنتشر محلات بيع البوراك والمحاجب في كل حي وهو ما سهل على المرأة العاملة اقتناءها ساخنة ومحضرة حسب رغبتها وبالكمية التي تريد بعد أن أصبحت المرأة العاملة تقدم طلبا مسبقا للبائع لكي لا تقع في مشكلة عند نفاد الكمية، وقد عاد ذلك بالنفع على التجار بعد أن ضمنوا لأنفسهم زبائن دائمين. حتى غلاء أسعار الأكلات الجاهزة لم يوقف رغبة النساء العاملات في اقتنائها وهذا ما فسره الإقبال الشديد على مختلف نقاط البيع، حيث تتحول الأنظار بعد الواحدة زوالا عندما تتوقف النساء عن العمل إلى مختلف الأسواق والمحلات للظفر بالأطباق الجاهزة ونصف الجاهزة قبل نفادها وأصبح لكل محل زبوناته المعروفات، فكما للنساء لمسة في إعداد الأطباق لا تتغير، للمحلات أيضا لمساتهم في إعدادها. وقد نالت محلات شهرة في إعداد أنواع معينة من الأكلات على حساب محلات أخرى. ففي شارع ميسوني بالعاصمة تكثر مثل هذه المحلات التي تشهد إقبالا منقطع النظير من قبل النساء العاملات اللاتي يقصدنه بحثا عن حلول سريعة وجيدة في نفس الوقت لتنويع موائدهن وفي وقت قياسي وبأثمان مرتفعة، وهن في الغالب لا يبالين بثمنها ما دمن قادرات على الدفع وتجنبا لسماع ما لا يرضيهن على مائدة الإفطار. وقد بلغت أسعار هذه الأطباق في محلات ميسوني حدودا كبيرة حيث تباع الكبدة المشرملة ب 1000 دج للكلغ أما البوزلوف فيباع حسب الكمية المراد شراؤها من 300 إلى 600 دج وذلك حسب ما يضاف إليه من مخ وغيرها. أما اللسان فيصل ثمنه إلى 400 دج. ورغبة في زيادة عدد الزبونات فقد توصل الباعة إلى طرق أخرى لاستقطابهن من خلال صنع رقائق اللحم والدجاج والسمك وحشوها تسهيلا لطهيها، وقد وجدت هذه الأخيرة إقبالا شديدا من طرف النساء لمذاقها الجيد وسهولة طهيها فيما بعد لأنها لا تتطلب إلا بضع دقائق لتكون جاهزة للأكل. وبعيدا عن سلطة البطن وما تفرضه قوانينه خاصة في شهر رمضان، وجدنا أن النساء العاملات بسلوكهن طريق الوجبات السهلة والجاهزة استطعن أن يوفّقن بين عملهن وبين ضرورة ووجوب تحضير مائدة رمضانية مميزة بعيدا عن همزات ولزمات الأهل والجيران الذين ينتظرون منهن زلة صغيرة. إلا أنه ورغم كل ذلك لرمضان خصوصياته التي لا يلغيها عمل المرأة واستنجادها بالأطباق الجاهزة.