إذا كان رمضان لدى فئة من الناس شهرا للعبادة والرحمة، بل وشهرا للفضائل جمعها وفيه تضرب القلوب موعدا مع الطهارة، ويغتنم أيامه لاكتساب الحسنات، ويتسابق الناس لفعل الخيرات فإنه وللأسف لدى فئة أخرى مجرد امتناع عن الاكل لأناس لم يستحوا ففعلوا ما شاؤوا وانتهكوا حرمة رمضان بفسوقهم، ومن هؤولاء شباب لم يشجعهم صيامهم على التخلي عن عاداتهم السيئة في معاكسة الفتيات بكلمات لا تدل أبدا على أنهم صائمون. ولا يدل تسكعهم في الشوارع بحجة تمضية الوقت على أن لأمثال هؤلاء عقولا يفكرون بها أو ضمائر يحتكمون فيها، كما أن هناك فتيات لم يمنعهن رمضان ولا صيامهن من ارتداء ملابس تبدي أكثر مما تخفي، والغريب أنهن يسارعن إلى الصراخ في وجوه الناس الذين يحاولون نصحهن ''نلبس واش نحب'' وهذه العبارة تحديدا تلفظت بها فتاة في ثاني أيام الشهر الفضيل في وجه شاب عندما حاولت الرد على آخر كان يحاول معاكستها، والغريب أن هؤلاء الشباب لم يراعوا حرمة رمضان ولا العائلات التي كانت على متن الحافلة وراحت ألسنتهم تلوك صنوفا من عبارات الشتم والتجريح والكلمات النابية التي أدهشت جميع الركاب. والمؤسف أن هذه المعركة الطاحنة كانت بطلتها فتاة تجردت من حيائها، بل وكانت السباقة لاستعمال الكلمات النابية فاجأت الكثيرين، خاصة وأن مثل هذه الظواهر لم نتعود على رؤيتها في باقي أشهر السنة فما بالك برمضان لدرجة أن الشابين أنفسهما توقفا عن الجدال معها، أما هي فحدث ولا حرج فلم تتوقف عن الصراخ إلى أن وصلت إلى محطتها وفعلا ''إذا لم تستح فافعل ما شئت''. وإن كان الحياء والحشمة مطلوبين في كل وقت فإن لرضمان حرمته التي يجب أن تراعى وهو ما أصبحنا نفتقده في كثير من جوانب حياتنا. وللأسف لم يعد رمضان لدى البعض يحمل أي قدسية فهو مجرد شهر مثل سابقيه ولاحقيه مع زيادة في درجة الجوع والعطش، تمضي أيامه بالنسبة لهم غضب وتبذير وسخط على الناس وعلى الطبيعة، وعلى كل شيء يمر أمامهم منتهكين بحماقاتهم حرمة أفضل الشهور عند الله منزلة ولا يريحنا ويريح رمضان منهم إلا النوم فلهم أن يناموا فنومهم عبادة.