يعد يوم عاشوراء مناسبة دينية هامة لها الكثير من الدلالات والعبر، فهواليوم الذي تاب الله فيه على سيدنا ادم، واليوم الذي نجا الله فيه نوحا وانزله من السفينة، وفيه أنقذ الله نبيه إبراهيم من النمرود، ورد يوسف الى يعقوب،وشهد نجاة نبي الله موسى - عليه الصلاة والسلام- والمؤمنين من بني إسرائيل وغرق فرعون وحاشيته، وهواليوم الذي غفر الله لنبيه داوود ووهب لسليمان ملكه، كما أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت ورفع البلاء فيه عن أيوب. وبالتالي فقد حبا الله هذا اليوم بفضل عظيم،بحيث يعد صيام هذا اليوم سبب لمضاعفة الأجر وتكفير ذنوب سنة ماضية. لا يفوت كثير من الجزائريين فرصة صيام يوم عاشوراء العظيم بالإضافة الى يوم قبله اويوم بعده رغبة في اكتساب الأجر وتكفير الذنوب، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم من خلال إتباع سنته العطرة، أين وردت أحاديث كثيرة ذكرت عظمة هذا اليوم وفضل صيامه. كما يشهد هذا اليوم تشجيع الأولياء لأبنائهم وحثهم إياهم على الصيام، إضافة الى تنبيههم لفضل هذا اليوم وسردهم للأحداث الهامة المصادفة له كذلك. إلى جانب هذا يخصص يوم عاشوراء لتطهير الأموال بإخراج الزكاة ومختلف انواع الصدقات، آداء للواجب الديني وكذا تقربا من الله عز وجل، من خلال مظاهر التآزر والتضامن التي تنتشر بين مختلف شرائح المجتمع، والتي تختلف وتتعدد من منطقة لأخرى باختلاف العادات والتقاليد التي تطبع كل واحدة على حدة.إلا انه عادة ما تظهر عادات ومعتقدات غريبة ما انزل الله بها من سلطان، تؤدي بالناس الى الابتعاد الكلي عن المعنى الحقيقي لهذه المناسبة فتطمس بذلك البعد الروحي الراقي ليحل محله بدع غريبة تركتها أجيال لتتبناها أجيال أخرى، كامتناع ربات البيوت عن كافة الأعمال المنزلية كتنظيف وكنس البيوت وذلك طيلة هذا اليوم، ظنا منهن ان ذلك يجلب لهن الفأل السيئ في إشارة الى طرد الخير والبركة من البيت، إضافة الى عادة قص الشعر حيث يعتقد ان عملية قصه في هذا اليوم تحديدا تؤدي الى تزكيته وبالتالي الزيادة في طوله وقوته، وهي عادة تشبه الى حد كبير حسبهن عملية الزكاة الحقيقية التي يتم فيها إخراج الأموال، بالإضافة الى تجنب تقليم الأظافر وغيرها من العادات والطقوس الغريبة والمبتدعة. هذا ويؤدي ترسخ هذه العادات لدى فئة الكبار في السن خاصة، الى تحولها في كثير من الأحيان الى بدع لها من السلطة ما يجعلها لا تقبل النقاش من طرف الشباب، وذلك خاصة إذا وجدها هذا الأخير متعارضة تماما مع القيم الدينية، وبدون تفسير منطقي. ولكن ورغم هذه العادات الغريبة والبعيدة عن ديننا الحنيف والتي لنا ان نصنفها ضمن العادات السلبية، يعرف مجتمعنا عادات أخرى طيبة لا تقود الى الانحراف عن النطاق الديني كإبراز الفرحة والابتهاج بوضع الحناء مثلا،أ والتفاف العائلة حول مائدة جميلة لتناول الطعام بعد يوم كامل من الصيام يشترك فيه الصغار والكبار، وكذا تبادل أصناف المأكولات الشهية مما يقوي أواصر الود والمحبة بين الناس. ليبقى في الأخير يوم عاشوراء مناسبة دينية عظيمة ينبغي التوقف عندها لاستيفاء العبر والحكم المنبثقة من الأحداث الكبيرة المصادفة له، وكذا اغتنام الفرصة للتقرب من الله بشتى أنواع الطاعات، بينما يقضيه الكثيرون في إحياء طقوس شعبية تختلف من منطقة إلى أخرى في اعتقاد منهم أنها مستوحاة من ديننا وعقيدتنا.