جددت إسرائيل التزامها الدائم بالعدوان على الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، في ظل صمت دولي مخيب ومستمر، فلا تكاد تسمع همسا أو كلمة حق تنتصر لحق المظلوم والمضطهد وتوجه في الوقت عينه تنبيها للظالم الذي بطش وهلك ورفض التوقف عن عدوانه، على أمل إلزامه باحترام المواثيق الدولية ولو على أبعد تقدير. ومقابل الصمت اللاإنساني على انتهاك حريات وحقوق الإنسان الفلسطيني، أطل علينا أكبر مسؤولي الإدراة الأمريكية بتصريحات أقل ما توصف به، بأنها غير مهذبة وفاجرة حين طالبوا الشعب الفلسطيني بضبط النفس رغم أن أنفاسه انقطعت من ضبطها، وطالبوه أيضا بتقديم التنازلات حتى لم يعد له ما يتنازل عنه، ومع كل هذا ازدادت مساحة الإحباط عند الفلسطينين وعند بعض العرب، في حين أضحت الدولة العبرية ترتع في كنف واشنطن بكل أريحية، خاصة وأن إدارة أوباما ومن قبلها إدارة بوش تصر مع كل شروق وغروب على دعم إسرائيل بأسباب القوة وبما يرفع من جاهزيتها لمزيد من القتل والتدمير. إن الإصرار الصهيوني على استخدام القوة، سواء من خلال القتل المباشر، أو اعتقالات أو استيطان، مقابل فشل القوى الكبرى في إخضاع دولة الاحتلال لتطبيق ما تم الاتفاق عليه من قرارات أممية، يؤكد للمرة الألف حالة الانسداد التام الذي تمر به القضية الفلسطينية ومشروع السلام الذي وعدوا بقرب حدوثه، وكأن دولة فلسطين التي وعدوا بإمكانية قيامها أضحت ضمن متواليات من السراب السرمدي، خاصة في ظل الانقسام الفلسطيني الذي أفقد القضية الكثير. ولكن ومع هذا لا لوم على أمريكا لأنها وعدت وأوفت، فقد وعدت بحل الدولتين وظن العرب أن المقصود به فلسطين، بينما كان الجهد نحو السودان، في إطار تطبيق شامل لحل الدولتين، فالقصة كلها خطأ بسيط في العنوان، كانت نتيجته أن الجميع انتظر دولة في القدس، فوجدوها في جوبا، فلا عزاء لنا في تغيير المكان.