اقترح المختصون والفاعلون في الحقل المسرحي الخاص بالطفل مجموعة من الحلول للنهوض بمسرح الطفل في بلادنا، في مقدمتها إدراج أبي الفنون كمادة في النظام البيداغوجي، كما حثوا الأساتذة والمستشارين التربويين على الكتابة المسرحية. هذا وطرح المسؤولون في لقائهم مع ''الحوار'' جملة المشاكل العالقة التي يعاني منها مسرح الطفل في الجزائر. المخرج التلفزيوني محمد حويدق: ''وزارة التربية وحدها المسؤولة عن تراجع مسرح الطفل في الجزائر'' قال المخرج التلفزيوني والمسرحي محمد حويدق إن تراجع مسرح الطفل في الجزائر مرده ليس ضعف مستوى الإنتاج المسرحي الخاص بالطفل أو نقص النصوص المسرحية، وإنما هو مرتبط بالمنظومة التربوية وبمديريات التربية المنتشرة عبر التراب الوطني. وأشير هنا بأصبع الاتهام بصفة عامة ودقيقة إلى وزارة التربية والتكوين الوطنية التي تنصلت عن مسؤوليتها بخصوص قضية ترفيه وتثقيف التلميذ، دون احتساب الفراغ النفسي الذي ينجر عن الضغوط التي يتعرض لها المتمدرسون في الأطوار الثلاثة الابتدائي والمتوسط والثانوي، وكذا وزارة الثقافة التي تهاونت هي الأخرى في تنظيم مهرجانات خاصة بمسرح الطفل. ولولا الجهود الحثيثة التي تقوم بها بعض الجمعيات ذات الطابع الثقافي وعلى رأسها الجمعية الثقافية للشروق رغم قلة العدة والعتاد لاحتضان تظاهرات ثقافية وفنية، لأضحينا نخشى على مستقبل التربية في بلادنا. إن مسألة تربية الناشئة على الأخلاق الفاضلة مسؤولية الجميع، فالطفل ليس ابن والديه فقط بل عنصر هام يدخل في تركيبة نسيج المجتمع، علينا الإسراع إلى الاهتمام به وتهيئة أرضية له كي يفرغ تلك الشحنات التي يفرزها وحتى لا يتحول في المستقبل إلى عدو نفسه قبل أن يضر محيطه. الممثل عمر لقام: ''على الجهات الوصية فتح المجال لمسرح الطفل في الوسط المدرسي'' ويذهب الممثل عمر لقام في نفس اتجاه محمد حويدق عندما قال إن الوهن والضعف اللذين يدبان في جسد مسرح الطفل في الجزائر وكذا عدم إرسائه على قواعد متينة، راجع بالدرجة الأولى إلى عدم إدراج ''مادة المسرح'' ضمن البرنامج البيداغوجي المسطر من قبل وزارة التربية الوطنية حتى يجد التلميذ ضالته ويساعده على التنفيس عن المكبوتات التي تنشأ لديه بعد جهد كبير يبذله التلميذ خلال فترة الدراسة، ومراجعة دروسه. إذ بعد انقضاء فترة الامتحانات تتولد لدى التلميذ رغبة في إيجاد فضاء يعوض الطاقة المهدورة التي فقدها طول مدة الفحص التربوي، ما ينعكس سلبا على نشاطه. إذ تجده يحول ذلك الهيجان إلى القيام بأعمال الشغب بين صفوف التلاميذ نظرا للفراغ النفسي الذي أضحى يسيطر عليه. وبصفتي مدير مؤسسة تربوية، يضيف محدثنا، أطلب من الجهات الوصية فتح المجال لمسرح الطفل في الوسط المدرسي لما لهذا الأخير من فوائد تنعكس بالإيجاب على مستقبله، وأن يبادر الأساتذة والفاعلون في القطاع التربوي بالكتابة للطفل ومن أجل الطفل حتى نصنع منه رجل الغد. ودعا لقام القائمين على القطاع الثقافي إلى وضع سياسة محكمة وردع المتطفلين الذين غزوا سوق الكتابة المسرحية في الجزائر. الناقد المسرحي بلقاسم شيحاوة: ''الكتابة للطفل مهمة صعبة وكبيرة'' في حين حصر بلقاسم شيحاوة، الإعلامي بقناة الجزيرة والناقد المسرحي متخرج من مدرسة الفنون الدرامية، أسباب انحطاط وضعف مستوى مسرح الطفل في بلادنا في عدة عوامل أهمها عدم كفاءة كتاب النص المسرحي، وفي هذا يقول ''إن الكتابة للطفل مهمة صعبة وكبيرة، وأجدر من يكتب للطفل أن يكون شخصا ملما بثقافة واسعة وأن يكون من محيط الطفل الذي يكتب له، مثل الأستاذ والمستشار التربوي لأنهم القريبون إلى نفسه وأدرى الناس به وبما يسري في مخيلته. يجب أن نضع في الحسبان أن الطفل يستوعب كل الأفكار التي يجدها حوله ويستقبل كل الرسائل بسهولة فائقة، وبكل بساطة. بالإضافة إلى هذا العامل، يقول بلقاسم، نجد عامل التخصص في الكتابة المسرحية الموجهة للأطفال، إذ لا نتوفر على كتاب مسرحيين من هذا الصنف، فمن يكتب للكبار هو ذاته يكتب للطفل، وهذا خطأ فادح وخطير. إلى جانب العاملين السابقين نضيف لهما عامل مهم وهو إغفال القائمين على المنظومة التربوية أهمية المسرح في حياة الطفل الذي هو مشروع إطار الغد. وفي اعتقادي، يقول ذات المتحدث، لو أدرج مسرح الطفل كمادة في البرنامج المدرسي مثل الموسيقى والرسم لعرف تطورا وازدهارا ولأضحى مسرحا قائما بذاته. المخرج المسرحي ورئيس جمعية القناع الأزرق من مستغانم، عبد الرزاق قوادري هباز: ''الكتابة المسرحية للطفل في الجزائر تفتقر لقاعدة صحيحة'' من جهته أرجع عبد الرزاق قوادري هباز، المخرج المسرحي ورئيس جمعية القناع الأزرق من ولاية مستغانم، الاسباب التي تقف حائلا دون تطور مسرح الطفل في الجزائر إلى عدم وجود أناس أكفاء يوفرون مناخا ملائما للطفل حتى يأخذ نصيبه اللازم من المرح والترفيه، وكذا المساهمة في تنشئته اجتماعيا، ''يجب علينا تقفي آثار الدول الرائدة في مجال مسرح الطفل التي ترى أن المسرح هو الفضاء الذي من خلاله يمكن بلورة ذهنية الطفل وتربيته وبث روح المسرح فيه منذ صغره ''. ويرى همباز في الكتابة المسرحية الخاصة بالطفل في الجزائر جد مهمة لا لسبب، يقول عبد الرزاق، إلا لأن البعض منها للأسف لا يخضع لمعايير لائقة وتفتقر إلى قاعدة صحيحة وأصبح من هب ودب يكتب للطفل. وأرى أنه من الأهمية بمكان أن يعمل الفاعلون في قطاع التربية والتكوين على اتخاذ مبادرة الكتابة للطفل. رئيس جمعية أوفياء المسرح نور الدين بينينال: ''أناشد وزارة الثقافة الالتفات إلى الطفل'' في هذا الصدد قال نور الدين بينينال، رئيس جمعية أوفياء المسرح، إن الذين ينشطون في الساحة الفنية الخاصة بالطفل لا يتوفرون على قدر كاف من الكفاءة، لذا نجد معظم الأعمال المسرحية الخاصة بالطفل ليست أكاديمية وعلمية. وعليه أناشد وزارة الثقافة، يضيف نور الدين، الالتفات إلى الطفل وللجمعيات التي تنشط في هذا المجال، وكذا تنظيم محاضرات وورشات لمناقشة المسائل الخاصة بمسرح الطفل.