يبدو أن الدولة العبرية تسعى مجددا لإشعال قطاع غزة، وكل المؤشرات تبين أنها انتهجت هذه الطريقة للهروب من الضغوط الدولية بعد وصول مفاوضات السلام إلى طريق مسدود، وكمحاولة لقتل التحرك السياسي الفلسطيني باتجاه المجتمع الدولي للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من جوان .1967 إسرائيل التي نجحت في تحويل قطاع غزة إلى سجن كبير نتيجة ما يسمى تجاوزات سياسية العقاب الجماعي ضد المدنيين الفلسطينيين، وهو الذي لا يزال يعاني آثار الحرب العدوانية قبل أكثر من عام حيث ما زال الآلاف دون مأوى وما زال القطاع ينتظر وعود المجتمع الدولي التي ظلت حبرا على ورق بإعادة إعمار ما دمره الاحتلال من بنية تحتية في القطاع شملت المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية وشبكة الطرق والمياه والكهرباء لم تشف غليلها بكل هذه الكوارث، بل تواصل بذكاء تنفيذ الردع الذكي من خلال إرسال رسالة مسبقة حول ما يمكن أن يحدث إذا اندلع صراع جديد، وإذا وقعت الحرب بالفعل، فقد سبق وأن طالبت حماس بضبط النفس وبمجرد أن أعلنت الحركة التزاماتها بالتهدئة سارعت مروحيات الكيان الصهيوني إلى شن هجوم قذر على غزة سقط على إثره خمسة شهداء.. في ظل كل هذه الظروف يتضح جليا أن عودة التهدئة وإعادة عملية السلام إلى المسار الصحيح أصبح أمراً بعيد المنال من الزاوية الواقعية لأن حجم الألم والدمار الذي يحدثه أي عدوان سيلجم أي صوت ينادي بالتهدئة لأن ما وقع وما فعلته إسرائيل هو أقصى ما يمكن أن تفعله وبالتالي لم يعد هناك ما يخشى منه في استمرار الاشتباك أو إطلاق الصواريخ التي تتذرع بها إسرائيل لتغطية عدوانها الوحشي على الشعب الفلسطيني. إسرائيل في الوقت الراهن رمت الكرة من ملعبها إلى ملعب المجتمع الدولي الذي أخفق في رد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وأخفق في إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في الحرب العدوانية الأخيرة، وكأنها واثقة بأنه لن يحرك ساكنا هذه المرة أيضا بل أفعالها لن تكون في مواجهة أي رادع، وستعيث في الأرض فسادا وستستبيح المال والنفس والأرض دون عقاب لأنها اعتادت على ذلك. إن عدم التحرك الدولي سريعا لكف يد الاحتلال الإسرائيلي عن الإمعان في سياسة إشعال الحرائق والحروب في المنطقة التي يدفع ثمنها في كل مرة المدنيون الفلسطينيون الذين لا قدرة لهم على مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية العمياء تجعل من المنظمات الدولية شريكا في جريمة الحرب الإسرائيلية المقبلة ضد هذا الشعب المحاصر والأعزل.