احتضنت العاصمة الفرنسية باريس فعاليات قمة طارئة جمعت رؤساء الدول والحكومات الأوروبية الأربع في مجموعة الثمانية الكبار من فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، وايطاليا، تحت إشراف رؤساء المفوضية الاوروبية والمجموعة الاوروبية، إضافة إلى البنك المركزي الاوروبي، بغرض مناقشة الرد المشترك على الأزمة المالية العالمية، والإعداد لمساهمة الأعضاء الأوروبيين في مجموعة السبع أثناء اجتماع الاتحاد الاوروبي منتصف الشهر الجاري مخصص لبحث الأزمة المالية الدولية. وتعهد قادة كبرى الدول الاوروبية في بداية قمتهم الطارئة ببذل قصارى جهدهم لدرء الأزمة المالية، خاصة بعد أن قامت الدول الاوروبية بأكبر عملية إنقاذ لبنك اوروبي منذ بداية أزمة الرهن العقاري الامريكية، مطالبين كافة دول العالم بعقد لقاء قمة في أقرب وقت لإعادة النظر في قواعد عمل النظام المالي العالمي الحالي. وفي وقت سابق تحركت حكومات بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج لاتخاذ إجراءات تأميم جزئي بما يعادل 49 بالمائة لمجموعة ''فورتيز إن'' البلجيكية الهولندية، بضخ 11ر2 مليار ، بعدما سارعت الحكومة الألمانية والبنوك التجارية في البلاد إلى تبني خطة لإنقاذ بنك ''هايبو ريال ايستيت'' للتمويل بقيمة 53 مليار أورو، كخطوة سريعة لإنقاذ ثاني شركة عقارية في ألمانيا. وأعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال قمة باريس التدابير التي يجب اتخاذها للخروج من الأزمة، موضحا أن الرؤساء المجتمعين أكدوا رسمياً التزامهم بدعم المؤسسات المالية التي أضحت في وضع صعب بسبب الأزمة المالية العالمية. وأشارت انجيلا ميركل المستشارة الاتحادية الألمانية إلى أن هذا اللقاء سيكون بمثابة تهيئة لإنعقاد قمة ''الثمانية الكبار''، باعتباره قد أعطى الفرصة لمناقشة الأوضاع في البلدان الأطراف في الازمة. ------------------------------------------------------------------------ تباينات فرنسية- ألمانية وانتقادات لاذعة ------------------------------------------------------------------------ وقد تخللت أعمال التحضير لعقد القمة تباينات فرنسية- ألمانية حول سبل تجاوز الأزمة، ففي الوقت الذي ترغب فيه فرنسا بإنشاء صندوق مالي مشترك بقيمة 300 مليار أورو لإنقاذ المصارف المتعثرة، فضلت برلين معالجة كل حالة إفلاس على حدى، وفي المقابل انتقدت فنلندا هذه القمة ووصفتها بالسيئة على حد تعبيرها، مضيفة أن للدول الاوروبية الاخرى كافة الحقوق في إبداء رأيها بشأن سبل تسوية الازمة وليس البلدان الكبرى فحسب. وطرحت فكرة الصندوق المالي المشترك من طرف وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاغارد للمرة الأولى، ولاقت معارضة من طرف كل من رئيس المصرف المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه ورئيس مجلس وزراء مال دول منطقة اليورو جان كلود يونكر، إلى جانب السلطات الألمانية والبريطانية. ------------------------------------------------------------------------ المفوضية الأوروبية تُفعّل جهود احتواء الأزمة المالية ------------------------------------------------------------------------ قدمت المفوضية الأوروبية مجموعة اقتراحات لإعادة الاستقرار إلى الأسواق المالية، تتضمن تأمين عمل المصارف والرقابة عليها، إضافة إلى تحسين الشفافية في الأسواق وتنظيم مؤسسات الائتمان، والتي سترفع إلى اجتماع المجلس الأوروبي المقبل. وعبرت المفوضية الأوروبية في إطار مقترحاتها الجديدة عن قبولها تدخل بعض الدول الأوروبية لإنقاذ مؤسسات مالية من الإفلاس، مع ضرورة احترام قواعد المنافسة، كما تضمنت رزمة الاقتراحات تشديد فرض قواعد على حجم الأموال التي يمكن للبنوك إقراضها لطرف واحد. وسترفع اقتراحات المفوضية الأوروبية إلى الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي قبل اعتمادها ودخولها حيز التنفيذ، غير أن استمرار الأزمة قد يعجل بتبني هذه الاقتراحات خلال قمة باريس الحالية. وكان رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو قد أكد أن دول الاتحاد الأوروبي ستدرس إمكانية إنشاء نظام مشترك لضمان الودائع المصرفية الشخصية في أوروبا من المزمع المصادقة عليه منتصف أكتوبر الجاري.