أهم ما ميز الساحة المحلية بولاية الجزائر هذا الأسبوع هو تلك الاحتجاجات التي اندلعت بحي الحميز الشعبي، ببلدية الدارالبيضاء، البلدية الأكثر غناء إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حجم المبادلات التجارية التي تحدث على مستوى سوق الحميز المشهور، الكائن بذات البلدية، الاحتجاجات التي سادت المنطقة، تناقلت جرائد أن ما أشعل فتيلها هو سخط السكان وتذمرهم من حدة اهتراء طرقات وشوارع أحياء البلدية الغنية، ..الحادثة تأكد فيما بعد أن ما ألهبها وأعطاها بعدا آخر هي حركة التجار المستفيدين من المحال الكائنة بداخل السوق، بعدما قام أحد الخواص بأشغال حفر داخل السوق تسببت الأشغال المتوقفة منذ فترة في إضعاف نشاطهم داخل السوق محل الحديث بعدما تراجعت ميزانيتهم من البيع والشراء الذي انخفض بسبب أشغال الحفر.. تجار مدخولهم الشهري يعد بالملايين أشعلوا نيران الاحتجاجات بين أوساط الشباب، ليس استياء من حالة الطرقات أو شوارع الحميز، ولكن مخافة أن يضعف البيع والشراء أكثر فأكثر، وتضعف معه المداخيل الشهرية، وكان بإمكانهم ان يساهموا بأقساط معتبرة من أرباحهم لإعادة صيانة تلك الطرقات التي استنزفتها حركة شاحنات الوزن الثقيل التي تدخل وتخرج من السوق، غير أن هؤلاء التجار فضلوا تحريك الشارع وإلهاب نيران الغضب والسخط على أن يتعاونوا يدا بيد مع السلطات المحلية لإعادة المياه إلى مجاريها مثلما يقال... محاولات هؤلاء التجار تأجيج نيران الغضب بين أوساط المواطنين أيام قليلة قبيل عيد الأضحى المبارك، ليست دليلا منفردا لمعدلات ''اللهفة'' و''الطمع'' و''الجشع'' التي وصلها تجارنا وعبر ربوع الوطن، فارتفاع أسعار الخضر والفواكه عشية كل عيد، او موسم دليل آخر، واستنزاف التجار الفوضويين لأماكن البيع داخل الأحياء السكنية من أجل دنانير أكثر دليل آخر كذلك، أما ما يخلفونه غداة مفارقتهم لمكان البيع كل مساء من نفايات وأوساخ لدليل قاطع أن تجارنا اليوم لا يحملون في قلوبهم ذرة من ''القناعة'' بأرزاق العلي، كيف لا وقد أحصت وزارة التجارة مؤخرا أرقاما مهولة عن كميات المواد الغذائية الفاسدة والمسمومة التي يتلاعب بعض تجارنا بعرضها للبيع دون أدنى ضمير .. تجاوزات وتلاعبات وتطفيف في الميزان .. صارت كلها اليوم من المعاملات العادية التي يستبيحها بعض تجارنا رغم القوانين الصارمة التي تفرضها وزارة التجارة من جهة ومديرياتها التابعة إليها عبر أعداد المراقبين المجندين لصيانة المستهلك من جهة أخرى، فمتى سيعي كل تاجر أن النزاهة في العمل أصلح وأبقى من مسايرة ركب ''الطماعين'' و'' الملهوفين''، وأين القناعة يا إخوة ؟