في الوقت الذي تستعد فيه العاصمة الأمريكيةواشنطن إلى استقبال قرابة ثلاثة ملايين شخص لحضور حفل تسلّم الرئيس المنتخب باراك أوباما لمهام منصبه الشهر المقبل، رسم تقرير أمريكي صورة قاتمة لمستقبل الولاياتالمتحدة خلال الأعوام القليلة القادمة، محذرا من فقد أمريكا لدورها القيادي على المستوى العالمي واقترابها من حافة الإنهيار الاقتصادي. فقد أصدر مجلس الإستخبارات القومي الأمريكي وثيقة تنطوي على قد كبير من التشاؤم، ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة، ولكن لدول أخرى، تتحدث الوثيقة عن أن العالم سيشهد حالة من إنعدام الثقة وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستشهد إنهيارات كبيرة خلال العشرين عاما القادمة، كما يتحدث عن تراجع الديمقراطية، وإنحسار دور الأممالمتحدة، وفقدانها لوزنها تماما. كما تتحدث عن اقتراب العالم من دخول مرحلة جديدة يفقد فيها الغرب ممارساته الديمقراطية، وظهور حالة من عدم الاستقرار وفقدان الثقة على مستوى العالم، وتحذر الوثيقة والتي حملت عنوان (نزعات عالمية في 2025)، الرئيس الأمريكي المنتخب من أن الولاياتالمتحدة سوف تفقد تدريجيا قدرتها لإصدار القرارات بشكل منفرد، وأن قدراتها تخبو أمام كم الأزمات الصعبة التي تواجهها على مستوى العالم، سواء لأسباب طبيعية او أسباب تتعلق بالأخطاء البشرية، وانه ينبغي عليه التحرك من الآن، في محاولة لتقليل الإنهيار الذي سيحدث مستقبلا، والذي بدأت معالمه. وترى الوثيقة ان العالم سوف ينقسم، وأن الصراعات سوف تتأجج حول الثروات التي تنضب، كما سيتضائل دور مؤسسات ومنظمات دولية كبرى، منها الأممالمتحدة، التي ستفقد السيطرة على مايدور في العالم. كما تحدثت عن عدم القدرة على وقف التسلح النووي حول العالم، وأن الشرق الأوسط سيصنف على أنه منطقة ليست خالية من أسلحة الدمار الشامل، وأن تلك الفرصة كبيرة للغاية، كما تحذر الوثيقة من النموذج الاقتصادي الغربي القائم على السوق الحر والرأسمالية لأنه يواجه خطرا، وأن العديد من المفاهيم سوف تتداخل. كما تحدد ان الثراء سينتقل من الغرب إلى الشرق، بل أنه سيتركز في دول مثل الصين وروسيا، مشيرة إلى أن دور المؤسسات الحكومية في الإقتصاد سوف يتنامي على مستوى العالم ويتراجع دور الأفراد ورجال الأعمال. وتتوقع الوثيقة أن الولاياتالمتحدة سوف تتحول إلى دولة أقل تأثيرا في العالم وأنها لن تظل القوى العظمى المتفردة، تمام مثلما حدث في الاتحاد السوفيتي السابق. كما تتوقع أن تصبح لدول أخرى مثل الصين والهند والبرازيل دورا كبيرا على حساب الدور الأميركي ودور الإتحاد الأوروبي. كما تقول أن كيانات كبرى لن تكون على إستعداد لملئ الفراغ الذي سينجم عن تراجع الدور الأميركي، وأن الأممالمتحدة لن تستطيع القيام بالدور الاميركي في زمن سوف تقل فيه الثروات ومصادر الطاقة والمياه وكذلك الغذاء. ويقول التقرير إن الزيادة في عدد السكان سوف تتواصل حيث يبلغ تعدادهم حوالي 8 مليارات نسمة عام ,2025 وستكون تلك الزيادة متباينة وستواصل الدول الغربية تراجعها في نسبة الخصوبة وزيادة في الهرم، ويضرب التقرير مثلا في التباين الديمغرافي الشديد الذي سيبرز عام 2025 بين الهند في الجنوب ذات النمو السكاني الضعيف والهند في الشمال ذات النمو السكاني العالي، ويتنبأ التقرير بأن الاتحاد الأوروبي سيفقد قوته بحلول العام 2025 وان تفصل ''فجوة ديموقراطية'' بروكسيل عن الناخبين بحيث يغدو الاتحاد مثل ''عملاق اعرج'' لا يستطيع ترجمة قوته الاقتصادية الى نفوذ عالمي. وبينما تتفق استنتاجات مجلس الاستخبارات القومي مع تفضيل الرئيس المنتخب باراك أوباما للتعددية، فان هذه الاستنتاجات توحي بانه قد يكون من الأصعب على واشنطن ان تشكل ''تحالف راغبين'' لتنفيذ اجندتها. وتقول ان المنظمات الدولية مثل الأممالمتحدة ليست مهيأة بما يكفي لملء الفراغ الذي يتركه انحسار القوة الأمريكية في الوقت الذي يتوقع فيه نشوء أزمات عديدة يحركها التغير المناخي والندرة المتزايدة لموارد مهمة كالنفط والطعام والمياه، ولا يتوقع التقرير أن يختفي الإرهاب ولكن ستكون له خطورته النسبية، ويعرب التقرير عن قلقه من زيادة عدد الدول الضعيفة وتكاثر العوامل الخارجة عن الدولة وسوف تسود توترات بسبب المياه أو الطاقة ويشير التقرير إلى أن الانتشار النووي سيصبح الشغل الشاغل الأول في العالم.