بقدر ما كانت سنة 2008 سنة تعديل الدستور وانهيار أسعار البترول، كانت أيضا سنة الهزات الارتدادية والحركات التصحيحية التي مست الكثير من الأحزاب والمنظمات، وكادت رياح التصحيح ونيران الانقلابات أن تعصف بهذه التنظيمات التي مازال بعضها يتخبط في سعيرها إلى غاية اليوم، فمن حركة مجتمع السلم إلى حزب موسى تواتى الجبهة الوطنية الجزائرية، إلى جمعية الإرشاد والإصلاح، فالكشافة الإسلامية الجزائرية كلها محطات ساخنة ومفصلية خلال هذه السنة ستتوقف ''الحوار'' عند أبرز محاطتها. حمس من النضال والحياكة إلى صراع الديكة البداية من حركة مجتمع السلم المتضرر الأكبر من بين هذه التنظيمات قياسا بحجمها السياسي وتقاليدها في الانضباط الذي عرفت به منذ تأسيسها، حيث كانت في واجهة الصراع وعلى فوهة البركان، حتى وصل حد التنبؤ من قبل الكثير بانشطارها وهذا منذ مطلع السنة التي عرفت بداية التحضير الجدي للمؤتمر الرابع، الذي ألهب حمى الصراع بين الرئيس الحالي أبو جرة سلطاتي ومعارضيه من جماعة عبد المجيد مناصرة المدعوم من قبل صقور المؤسسين، وكانت دورة المجلس الوطني التي نصبت فيها لجنة تحضير المؤتمر برئاسة نصرالدين سالم الشريف كافية لتخرج الصراع إلى العلن بعدما كانت في الكواليس والصالونات، وبقيت هذه اللجنة ساحة للصراع والتباري لترتيب أوراق المؤتمر الذي تم تقدميه من أوت إلى نهاية أفريل كنتيحة حتمية لهذا الصراع الشرس. مؤتمر القاعة البيضاوية ''المشهود'' الذي أفرز في آخر الأمر حمسا أخرى بيضاوية الشكل، كان المؤتمر الوحيد في تاريخ الجزائر سواء أثناء الأحادية أو في التعددية الذي تتوقف أشغاله لمدة ثلاث أيام كاملة بعد الافتتاح، وانتهى في النهاية بولادة قيصرية كرست انقساما آخر أعمق وأكبر بين ابو جرة وجماعة مناصرة، التي ترفض الحضور لدورات مجلس الشورى وتطعن في شرعية سلطاني على رأس حمس، و لم تفلح الوساطات ومساعي الصلح الداخلية والخارجية في رأب الصدع وإحتواء الوضع بعد أن ظل كل طرف يتمسك بمواقفه، وكتبت الصحافة ماكتبت ونشر الغسيل الذي لم يخرج يوما من ''غسالة حمس''، لكن في النهاية الصدع يستمر وينتقل إلى مجموعتها النيابية في البرلمان ليعلن 32 نائبا التمرد على القيادة، وإنشاء كتلة موازية معارضة للضغط أكثر على أبو جرة الذي كان نفسُه طويلا، واستمر السجال طوال هذه الفترة ليستقر الوضع عند وساطة قادها السيناتور مداود يقال أنها ستعالج المشكل نهائيا بين تلاميذ الراحل نحناح، من خلال صلح يبدو أنه لن يكون غدا قياسا بالمعطيات الحالية التي تصب كلها في خانة استراحة محارب ليس إلا، رغم التفاؤل الذي يبديه كل طرف لاسيما مع نهاية السنة التي عرفت تجميد الكتلة الموازية لنشاطها، والذي فهم على أساس هدنة لتفعيل آلية الصلح والذهاب به إلى منتهاه. الكشافة والإرشاد والإصلاح الوجه الآخر لصراع حمس ليس بعيدا عن حركة مجتمع السلم كانت سنة 2008 وبالا على الكشافة الإسلامية الجزائرية، وجمعية الإرشاد والإصلاح التي شهدت انشطارا لم تشهده هذه المؤسسة الخيرية منذ تأسيسها، المؤسسة التي كانت تكتسي الكثير من القداسة لدى الرأي العام أصبحت ساحة للصراع قيل انه حزبي وذو طابع سياسي، وصل حد العراك والسب والشتم فكانت سنة 2008 بمثابة الكارثة على هذا التنظيم .صيف هذا العام كان صيف الكشفيين بدون منازع وخطفوا الأضواء حتى من الألعاب الأولمبية ببكين، حيث كانت حرب التصريحات والتصريحات المضادة هي السيدة منذ أن أعلن أربعة قادة التمرد على بن براهم، واستمر هذا الصراع المشين ليتطور إلى عراك وتخريب الأملاك العمومية في فندق الأروية الذهبية ببن عكنون، وخلصت منظمة محمد بوراس إلى مؤتمرين واحد في نادي الصنوبر لبن براهم الذي لم يتوان في توجه التهم لرئيس حزب سياسي، والثاني في خيمة في ساحة عمومية عقده مناؤوه، لتفصل الداخلية لصالح الأول ويطوى الملف إلى حين. جمعية خيرية أخرى تقع تحت مظلة حمس لم تسلم من صراع الديكة وانتقل الصراع إليها خلال صيف ,2008 الذي كان حامي الوطيس على جمعية المرحوم أبو سليماني، وتفنن أنصار أبو جرة بقيادة عزالدين شقلال وخصومهم من جماعة مناصرة بقيادة عيسى بلخضر، فكان تحطيم الأبواب ولغة المطارق والقضبان الحديدية هي السيدة في مقر بئر خادم بين الإخوة الأعداء وكالعادة أصابع الاتهام، ذات طابع سياسي ومنفعي، وتبقى الجمعية منشطرة براسين إلا أن يقضي الله أمرا كان مفعولا. الأفانا يكتوي برياح التصحيح خلال سنة 2008 لم تمر سنة 2008 بردا وسلاما على حزب الجبهة الوطنية الجزائرية دون يتعرض إلى محاولة إنقلاب نفذها بعض من يسمون بالتصحيحيين داخل الحزب، الذين أسالوا العرق البارد لموسى تواتي وحبسوا أنفاسه في حمام ريغة في مؤتمر قيل أنه مرخص من قبل الداخلية، وحتى وإن كانت التصحيحية ليست وليدة 2008 حيث تعود إلى مؤتمر الحزب في ,2007 إلا أن هذا العام كان مميزا على الأفانا التي كادت تلحق بحركة الإصلاح، وكاد تواتي أن يلحق جاب الله ويحال على التقاعد السياسي، ليتبين فيما بعد أن ماظهر أنه مؤتمر مجرد زوبعة في فنجان وصيحة في واد، خرج منها موسى تواتي سالما معافى في حزبه وسربه.