ما من أحد فينا إلا ويشعر بالعجز لعدم قدرته على فعل ما لنصرة إخواننا في غزة، كلنا يتابع الأخبار ويعتصر ألماً لما يجري وعلى الحال الذي آلت إليه أمتنا، نتظاهر، نعتصم، نهتف، لكننا ما زلنا نشعر بأن هذا لا يكفي، أليس هذا ما نشعر به؟... ويدخل الشعب المحاصر بغزة يومه الثامن تحت القصف ويتواصل ''شلال الدم'' ما صار ينبئ بكارثة إنسانية خطيرة قد تجتاح المنطقة، رفضت تسيبي وزبانيتها الاعتراف بها،... أسبوعا كان الأكثر دموية على الشعب الفلسطيني مثلما أرادته إسرائيل، التي تدعي أنها تقود حربا مدروسة وأن عملياتها الهجومية بمثابة العمليات الجراحية، وأن طياريها هم أفضل الطيارين في العالم، غير أننا كشعوب وأنظمة ندرك حقيقة أن إسرائيل لا تجيد سوى ''القتل''، إسرائيل التي تجيد القتل ولا تجيد الاقتتال ضربت ولم تكن وحدها في ذلك، أطفالا أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا في غزة أو بالأحرى في فلسطين. إسرائيل التي تضرب وتقصف بهمجية اعتدناها منها، لم تكن وحدها في ذلك، ولأن الدعم الأمريكي والغياب العربي زادا الصهاينة قوة وفتح شهيتهم، فإن إخواننا في فلسطين لم يبق لهم ما يؤنسهم في وحدتهم سوى تنديداتنا ومساعداتنا على شاكلة ما بادرت به بعض الدول العربية من طائرات محملة بالأغذية والأدوية، التي نتمنى أن تصل إخواننا في أقرب وقت، كما نتمنى إرسال المزيد من المساعدات الإنسانية الأخرى.. وبالرغم من أن الجميع يتحدث اليوم عن عرب مشتتين ومنقسمين في الآراء، وماضين في الاقتتال والانقسام الداخلي فإن الواقع يقول عكس ذلك وينفيه بالمرة، لأن صمود غزة وحّدنا كعرب ومسلمين، والمنطقة العربية اليوم تغلي، لا لشيء سوى لأن الصحوة طالت كل أصقاعها، وإن كنا لا نملك سوى أدوات الشجب والاستنكار فإن دعواتنا لنصرة الفلسطينيين التي لم نعد نملك غيرها ستكون موحدة لا محالة. وحتى إن تحدث الجميع عن قيام إسرائيل باجتياح بري في أقرب الآجال، فإن السحر سينقلب لا محالة على الساحر، ولا جدال حقا في أن الحرب التي تقودها إسرائيل هي في اتجاه واحد، قوة إقليمية عظمى ركعت أمامها أنظمة وجيوش وجنرالات، وشعب أعزل من نساء وأطفال لا يملكون سوى الصبر والعزيمة،.. ولكن متى كانت الحروب متكافئة بين الغزاة وضحاياهم، .. بين المستعمِر والمستعمَر؟ ألم نضحي نحن الجزائريون بمليون وأكثر من نصف المليون شهيد، فلماذا لم نلق السلاح ولم نستمع إلى دعوات كف المقاومة والرضا بسلم الشجعان؟.. بل نحن ها هنا ثابتون معك يا غزة، وذلك أضعف الإيمان.