صرخ غاستون موريزو أحد قدماء الجنود الفرنسيين الذي كان حاضرا بموقع تفجير اول قنبلة نووية فرنسية في الصحراء الجزائرية بتاريخ 13 فيفري 1960 قائلا ''لقد استعملنا كفئران مخابر خلال أولى التجارب النووية الفرنسية برقان". شكلت هذه الشهادة المؤلمة موضوع فيلم وثائقي طويل بعنوان ''اليربوع الازرق'' للمخرج جمال وهاب الذي عرض ''لاول مرة'' مساء الاثنين بباريس بحضور جمهور غفير من بينهم العديد من البرلمانيين الفرنسيين. ويتطرق ''اليربوع الازرق'' الى التجارب النووية و الأضرار التي ألحقتها بالجنود الفرنسيين و كذا بالسكان المحليين. وكانت شهادة غاستون موريزو الذي رافق المخرج الجزائري الى موقع اول تجربة نووية خالية من أي إبهام بقوله ''لقد كنا 18 شخصا بموقع اول تجربة نووية و قد أمرنا بالبقاء بعين المكان و إدارة ظهورنا للتفجير". وأشار الجندي الفرنسي السابق أن الضباط السامين كانوا قد لاذوا بالفرار في وقت مبكر من التفجير مؤكدا أنهم أهملونا بعين المكان لمدة اسبوع قبل ان يظهروا من جديد. ''لقد استعملنا كفئران مخابر -- يضيف موريزو-- و لم يخبرنا احد بما كان سيحدث في تلك اللحظة". من جانبه اكد لوسيان بارفي واحد من الجنود الذين كانوا ضحية لهاته التجارب و الذي تعرض لإشعاعات نووية انه كلف باسترجاع آلة تركت بموقع عين إيكار بتامنراست كانت قد تعرضت إلى تلك الإشعاعات الشيء الذي تسبب له في أحداث تشوه كبير على مستوى الوجه. وأمام عدسة الكاميرا قام بارفي بنزع الضمادة التي تغطي وجهه و التي أظهرت وجود ثقب كبير عوضا لعينه اليسرى فضلا عن اصابات خطيرة في عدة مناطق من الوجه و الرقبة. ولم يقتصر عمل المخرج جمال وهاب على حالات قدماء الجنود الفرنسيين بل خص كذلك السكان الأصليين بحيث ظهر في فيلمه عدد من مسني منطقة ادرار كانوا قد فقدوا أبصارهم جراء تلك الإشعاعات كما تطرق الى حالة طفلتين تعانين من تشوهات وراثية. من جانب آخر تطرق ''اليربوع الأزرق'' الى شهادة طبيب جزائري يعمل بالقطاع الصحي لمدينة أدرار و الذي أشار إلى تسجيل ''عدد كبير و غير طبيعي'' لأطفال يولدون بتشوهات كما يشير المخرج إلى الخسائر التي خلفتها التجارب النووية الفرنسية بالمحيط البيئي للمنطقة سيما بالفلاحة. لقد جال جمال وهاب طوال مدة هذا الفيلم مستعينا بالكاميرا عبر كل المخيمات فاسحا المجال أحيانا إلى إثنين من قدماء الثورة و أحيانا لسكان أدرار حيث استدل بشهادات طبيب و رجل قانون و أعضاء من جمعية قدماء الثورة من ضحايا التجارب النووية. ولكن أكثر هذه الشهادات غرابة كانت للناطق باسم وزارة الدفاع الفرنسية الذي أكد أن ''فرنسا اتخذت كل التدابير الأمنية قبل التجربة الذرية'' التي نفذتها ''في منطقة غير آهلة". وأوضح هذا المتحدث أن التجارب لم تكن تنطوي على مخاطر كما أنه لم تسجل ''أية إصابات إشعاعية و قد تم ''تنظيف'' كل المنطقة. وفندت هذه المزاعم بشهادات قدماء الثورة الذين قالوا أن حوالي 6.000 نعش وضعوا في قاعدة رقان لمواجهة احتمال الخسائر البشرية التي قد تنجم عن هذه التجربة في إشارة الى المشاكل الصحية التي يعاني منها قدماء الجيش و سكان ادرار. وقد أجمع كل الأشخاص المستجوبين في الفيلم على ضرورة اعتراف طرف السلطات الفرنسية بوضعيتهم كضحايا تجارب نووية . وصرح غاستون موريزو قائلا ''إننا لا نريد تعويضا و لكن نريد إعترافا. و هذا من أجل شرفنا". ومن المقرر أن يخرج هذا الفيلم يوم 12 فيفري المقبل عبر فرنسا. وأعرب المخرج عن أمله في أن يثير عمله نقاشا وأن يحمل توضيحات حول هذه لأحداث التي ما زالت تعتبر سرية . وأكد جمال وهاب أن ''اليربوع الأزرق'' سيعرض يوم 24 فيفري المقبل بالجزائر.