إرهابيان يسلمان نفسيهما للسلطات العسكرية    مزيان يلتقي رئيس ناميبيا    لانغلي: الجزائر بلد رائد    هذه شروط شراء سكنات عدل    الجزائر تُطالب بالتحرّك فوراً..    تثمين فلسطيني لدور الجزائر    المصادقة على قانون حماية ذوي الاحتياجات الخاصة    إشادة دولية واسعة بجهود الجزائر في تحرير الرعية الإسباني    توفير أحسن الباقات للتكفّل بالحجاج الجزائريين    قائمة الأدوية القابلة للتعويض تتجاوز 7130 دواء    الجزائر العاصمة..انهيار بناية قديمة ببلدية القصبة دون تسجيل أي خسائر    جثمان المجاهد بلقاسم بزة يوارى الثرى بمقبرة خنشلة    الجزائر تشارك في فعالية "سفينة شباب العالم" باليابان    بوغالي يترأس اجتماعا حول التفجيرات النّووية الفرنسية بالجزائر    إنشاء لجنة اقتصادية مشتركة جزائرية سلوفينية    بن جامع: "تحديات أطفال غزة صارت كبيرة"    تصعيد خطير في الضفّة الغربية المحتلّة    رباش سعيدٌ بالانتقال إلى نادي غرناطة الإسباني    الهدوء يعود إلى بيت الفريق والإدارة توضح    تجهيزات جديدة ل''الفاف" لتدعيم تقنية "الفار" في البطولة    تفعيل 3 مشاريع جزائرية مبتكرة في الصحة الالكترونية    قرار وزاري لتحديد شروط وكيفيات معالجة طلبات شراء سكنات البيع بالإيجار    حجز 130 كلغ كوكايين ومصادرة 13 مليارا    ضبط 500 قرص مهلوس    تفكيك عصابة تتاجر بالممنوعات    ضُعف في المداخيل الجبائية    الجزائر تشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب بأزيد من 400 عنوان    مساعٍ لتثمين الأدب النسائي في القارة السمراء    شراكة استراتيجية للحفاظ على التراث الثقافي المشترك    وفد برلماني يتفقّد مشاريع مهيكلة بولاية تندوف    وهران: مسرحية "الصمود" تستحضر محطات خالدة من الثورة التحريرية المظفرة    معرض جماعي لأعمال جزائرية تشكيلية حول طبيعة وثقافة الصين    خنشلة.. معركة " أغروط أغقالت "… محطة فارقة في الولاية التاريخية الأولى    أبو الغيط يشيد بمبادرة الجزائر لعقد جلسة "هامة" من أجل تدعيم العلاقة بين الجامعة العربية ومجلس الأمن    "الأونروا": 660 ألف طفل فلسطيني في غزة بلا تعليم و88% من مدارس القطاع مدمرة    كرة القدم المدرسية: تأهل المنتخب الجزائري للذكور إلى البطولة الإفريقية    كرة القدم: "الفاف" تعلن انطلاق محاضرات المتربصين لنيل شهادة "كاف أ"    هلاك شخص وإصابة آخرين في حادث مرور بولاية الوادي    سعيود يشيد بالدور الفعال للمؤسسات الناشئة في الرقي بقطاع النقل    بلمهدي: الجزائر حريصة على ضمان تكفل أفضل بالحجاج خلال موسم الحج    بوغالي يترأس اجتماعا تحضيريا للملتقى البرلماني حول التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر ابان الاستعمار    الهلال الأحمر الفلسطيني: استبدالنا بوكالة الأونروا شائعات صهيونية    البطولة الوطنية لفوفينام فيات فوداو:انطلاق المنافسات بمشاركة 517 رياضيا يمثلون 87 ناديا    الابتكار في الصحة الالكترونية: الجزائر تحتضن الطبعة الإفريقية الأولى من "سلاش'س دي"    المغرب: فشل الحكومة في الحفاظ على صحة المواطنين يحول داء الحصبة إلى وباء    السيد بللو يشرف على افتتاح يوم دراسي جزائري-إيطالي حول تثمين التراث الثقافي    صدى عالمي لجائزة الجزائر للقرآن الكريم    ممثلا الجزائر يستهدفان كأس الكاف    منظومة الضمان الاجتماعي في الجزائر قائمة على مبدأ التضامن بين الأجيال    مجلس الأمة: المصادقة على نص القانون المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها    وهران : ترحيل 27 عائلة إلى سكنات جديدة ببئر الجير    الكوكي مدرباً للوفاق    ديون الجزائر لدى المستشفيات الفرنسية.. حملة اعلامية جديدة تسوق البهتان    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخطاء الطبية قد تضع حدا لحياة المرضى
ظاهرة منتشرة ومآس متعاقبة
نشر في الاتحاد يوم 25 - 03 - 2013

الأخطاء الطبية في الجزائر باتت ظاهرة منتشرة إلى حد كبير في المستشفيات ، ويقع ضحيتها كثير من المرضى الآملين في الشفاء. كثيرة هي الأخطاء الطبية التي تضع حداً لحياة المرضى، أو تسبّب لهم عاهات مستديمة. وفي الجزائر تتحدث الأرقام عن أكثر من 600 قضية في المحاكم خلال الأربع سنوات الماضية. هذا الرقم على ضخامته لا يعبّر بدقة عن الواقع، الذي تعددت فيه الأخطاء لتتحوّل إلى خطايا. فلا غرو إذاً أن تسجل المستشفيات أربع أخطاء في التشخيص والعلاج بين كل خمس حالات معالجة. قصة عبد الناصر ورغي، البالغ من العمر 47 عاماً، ربما تعتبر واحدة من أكثر القصص التي تعبر عن واقع الأخطاء الطبية التي شهدتها الجزائر. فقضيته كادت أن تتحول إلى فضيحة، لولا أن العدالة تدخلت لإنصاف الضحايا. لكن ذلك لم يكن كافياً في ظل وضع اجتماعي مزر يعيشه عبد الناصر والضحايا الآخرون.
القصة الكاملة
عبد الناصر أب لأربعة أطفال، فقد بصره سنة 2007، ويروي أنه كان يعاني من قصر نظر حاد، قبل أن يتوجه مع عدد آخر من المرضى إلى قسم العيون بمستشفى العاصمة ، من أجل استبدال دوائه القديم بآخر جديد، بعدما اتصلت به إحدى الطبيبات لتخبره أن المستشفى عمد إلى شراء دواء سيخلصهم نهائياً من نظاراتهم الطبية، وهو الخبر الذي دفع 31 مريضاً يعانون من قصر النظر الحاد إلى الذهاب للمستشفى.
حياة عبد الناصر ورغي وعائلته انقلبت رأساً على عقب منذ فقدانه البصر نتيجة خطأ طبي
ويتابع عبد الناصر، في حديثه: "توجهنا إلى المستشفى ووجدنا الطبيبة في انتظارنا، واصطفّ الجميع أمام غرفة العمليات. كانت الفرحة الكبيرة بادية على محيا الجميع، والأمل كان أكبر". وجد ناصر نفسه برفقة كريمة أعراب، البالغة من العمر 45 عاماً، في قاعة العلاج، وكانت الطبيبة تشرف على إعطاء الدواء الجديد للمرضى الواحد تلو الآخر. وبعدها لمح عبد الناصر كريمة أعراب مغمى عليها. من جانبها تسرد كريمة قصتها لنا: "قالت لي الطبيبة لا تخشين وتحليت بالشجاعة وصدقتها، ظناً مني أنني بين أيدٍ أمينة. لكن عندما وصلت إلى البيت بدأت أشعر بمضاعفات حادة جراء الحقنة التي كنت أجهل اسمها، وبدأت عيني اليسرى – وهي العين السليمة التي أستطيع الرؤية بها – بالانتفاخ والاحمرار. وفي الصباح تفاجأت بظلم دامس يغطي عينيّ، متبوعاً بآلام لا يتصورها عقل".
نفس الأعراض التي شعر بها عبد الناصر ورغي، الأمر الذي دفعه إلى العودة إلى قسم العيون بالمستشفى، ليتفاجأ بأن المرضى الذين حقنوا بالدواء الجديد فقدوا بصرهم. الفاجعة كانت كبيرة عندما فشلت إدارة المستشفى في إقناع المرضى بأن السبب هو عدم نظافة المكان وأن الدواء فقد مفعوله. ويضيف عبد الناصر: "في ذلك الصباح أخبرتني الطبيبة أنها فشلت في تحقيق حلمهم في رؤية النور مجدداً، وهو الأمر الذي لم أستوعبه وبقية المرضى، خاصة أن الطبيبة لم تسلمنا وثيقة يلتزم بها المريض بتحمل كل المسؤوليات في حال فشل الدواء في تحقيق مفعوله، مما جعل الضحايا يستنتجون أنهم كانوا مجرد فئران تجارب".
حكم غير نافذ وتعويض غير مناسب
قسم طب العيون وعد الضحايا بالتكفل بعلاجهم، إلا أن الوعود تبخرت في الهواء، ما دفع الضحايا إلى رفع قضية في المحكمة، كشفت على إثرها التحقيقات أن الدواء الذي حُقن به المرضى ما هو إلا دواء لمعالجة الحالات المتقدمة من السرطانات، مثل سرطان القولون والرئة والبروستاتة والعين، في حين أن المرضى لا يعانون من السرطان. كما أفضت التحقيقات إلى أن الدواء، الذي أنتجته شركة "روش" الأمريكية، مُنع استعماله سنة 2005 في فرنسا نظراً لعدم نجاعته بنسبة 100 بالمائة. المحكمة قضت ببراءة الطبيب المسؤول عن القسم، وبعقوبة مقدارها ست سنوات غير نافذة بالسجن ضد الطبيبة المعالجة، وهو ما أثار حفيظة الضحايا، خاصة مع إقرار المحكمة تعويضاً لا يتجاوز 560 يورو لكل مريض، وهو مبلغ لا يكفي لإصلاح ما أفسده الدواء. هذه المأساة قلبت حياة عبد الناصر وبقية الضحايا رأساً على عقب، فمنذ فقدانه البصر، فقد عبد الناصر وظيفته كمحاسب في شركة حكومية، ويعيش مع عائلته في وضع مزر ويقطن بيتاً مستأجراً. ويقول ورغي أن مبلغ التعويض لا يغني ولا يسمن من جوع، خاصة بعدما اكتشف أن نفس القضية حصلت في أمريكا وأن الضحايا حصلوا على مبالغ خيالية كتعويض، رغم أنهم التزموا بتحمل كامل المسؤولية في حال فشل العلاج.
يعيش عبد الناصر مع زوجته وأطفاله الأربعة في وضع مزر
وأملاً في معرفة تكاليف إعادة بصره، راسل عبد الناصر العديد من المستشفيات والمعاهد الطبية في الخارج، من بينها المعهد الألماني للتجديد الطبي "إيكسال سنتر"، الذي أكد له أن مبلغ العملية لوحده يقدر بنحو 10 آلاف يورو، دون حساب تكاليف الإقامة والسفر.
الطبيب هو الحكم
وحول الأخطاء الطبية وآثارها المأساوية، يقول الدكتور بوداني أحمد أن الأخطاء الطبية تنحصر في نوعين، أولهما الخطأ البشري الذي يمكن أن يقع لأي شخص، والثاني هو الخطأ الناتج عن الإهمال الذي يعاقب عليه القانون. وبخصوص قضية المرضى الذين فقدوا بصرهم بسبب حقنهم بدواء فقد نجاعته في الدول الأجنبية، يوضح بوداني أن الجزائر تشتري أدوية دون إعادة مراقبتها بشكل دقيق للتأكد من مدى نجاعتها، إذ يكفي أنها تمر عبر المختبر الوطني لمراقبة الأدوية الصيدلانية كي تستعمل مباشرة. ويشير الدكتور أحمد إلى أن هناك دولاً مثل سويسرا لا ترخص أي دواء أجنبي للتسويق حتى تتأكد من مدى نجاعته، على الرغم من أن دولاً أخرى أجرت دراسات حوله وجربته، إلا أنه يستدرك بالقول أن المسألة لا تعتبر جريمة، كون الدواء مرخص في الجزائر وتم تسويقه بصفة قانونية. وتقع المسؤولية الأولى والأخيرة على عاتق الطبيب، وهنا تلعب الكفاءة والخبرة الدور الأهم في اتخاذ مثل هذه القرارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.