تعتبر حرب مالي من بين ابرز الأحداث التي ميزت عام 2013. الحرب شنتها فرنسا و الحكومة المالية على الحركات الإسلامية والجهادية في إقليم أزواد. ودقت طبول الحرب بعيد إقرار مجلس الأمن أواخر عام 2012 لقرار يطلب من مجموعة دول غرب إفريقيا الرفع إليه بخطة عسكرية للتدخل في مالي ومحاربة الحركات الجهادية التي باتت تستولي على ما يناهز ثلثي مساحة البلاد إثر تغلبها على الجيش النظامي إبان تمرد الطوارق. وفي يوم السبت 12 يناير 2013 بدأت فرنسا تدخلا عسكريا في مالي ابتدأ بقصف مواقع حركة أنصار الدين على جبهة التماس مع الجيش المالي لتعطيل تقدمها نحو الجنوب واقترابها من العاصمة المالية باماكو. وصرح الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند" بعيدها أن التدخل يهدف إلى "منع الإرهابيين الذين يطبقون الشريعة" من السيطرة على مالي. وكانت فرنسا اشترطت على حركة أنصار الدين التخلي عن تطبيق الشريعة لقبول التفاوض معها.] بعد ثلاثة أشهر على بداية الحرب في مالي، في 11 جانفي، قامت فرنسا بأول انسحاب رمزي لقواتها من هذا البلد الذي ما زال مستقبله السياسي غامضا،في ظل المشاكل التي مايزال يعاني منها هذا البلد ومخلفات الحرب الفرنسية خصوصا وأن تدخلها العسكري فيه قد يستمر بعد فترة طويلة. وفي هذا السياق أعلنت رئاسة أركان الجيوش أمس في باريس انسحاب مئة جندي من أربعة ألاف ينتشرون في مالي. وقد وصلوا الاثنين إلى" بافوس" في قبرص حيث سيمضون ثلاثة أيام في فندق ينزل فيه عادة العسكريون الفرنسيون العائدون من مسرح العمليات في طريقهم إلى فرنسا. وقد ألحق الفرنسيون أثناء التدخل الذي استمر ثلاثة أشهر خسائر فادحة مادية ومعنوية من المدنين وفي المجموعات التي تقول أنها إرهابية . ومن ابرز تلك المجموعات، القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي التي تعتبر التهديد الأكبر لفرنسا وأوروبا، بهزيمة في معقلها شمال شرق مالي. وقال اريك دينيسي مدير المركز الفرنسي للبحوث حول الاستخبارات ان "أكثر من 600 إرهابي من أصل 1500 إلى 2000 مقاتل متطرف، قد قضي عليهم على الأرجح، ودمرت مخزونات أسلحة وذخائر ومحروقات بأعداد كبيرة. وأضاف "أعدنا الإرهابيين خمس أو عشر سنوات إلى الوراء. وهذا لا يعني أن التهديد قد زال نهائيا، لكننا أبعدناه كثيرا وفيما تستمر عمليات التمشيط في سلسلة جبال" ايفوقاس" وعلى طول الحدود الجزائرية، بدأ الجيش الفرنسي تخفيف عناصره وعتاده. وبات يركز جهوده حول تمبكتو وغاو حيث يطارد مقاتلي حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا التي باتت أنشط المجموعات ميدانيا. وفي هذه المنطقة التي تستفيد فيها من دعم السكان وتستطيع الاختباء في القرى، تعمد حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا إلى مضايقة السكان والقوات المالية. لكن الخبراء يقولون إن قدرة الإسلاميين على الإساءة ما زالت محدودة. وكشف اريك دينيسي أن "مستوى رد فعل الإرهابيين خلال ثلاثة أشهر، كان ضعيفا جدا، إن لم يكن معدوما. وبداية الانسحاب العسكري الذي باشرته فرنسا، سياسي بالدرجة الأولى ويؤكد أن فرسا تنوي أن تنقل إلى القوات الإفريقية في أسرع وقت مهمة بسط الأمن في مالي. وبدأ الاتحاد الأوروبي فيها مهمة لتدريب الجيش المالي المحدود القدرات. وأعلن الرئيس الفرنسي" فرنسوا هولاند "انه لن يبقى في جوان سوى ألفي جندي فرنسي في مقابل أربعة ألاف ينتشرون في الوقت الراهن في مالي. وجوان هو الموعد الذي تطالب باريس بأن تجرى فيه انتخابات رئاسية ونيابية في مالي. وقال فرنسوا هايسبورغ رئيس المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية "من الملح تشكيل حكومة شرعية". وأضاف أن الرهان يقضي ب "تأمين الظروف التي تتيح البدء بعملية تكامل وطني". وبعدما أكدت أن جنودها "لن يبقوا بصورة دائمة في مالي"، اقترحت باريس على الأممالمتحدة وعلى باماكو الاحتفاظ ب "قوة دعم" من ألف جندي في البلاد. وهي قوة "دائمة"، كما يقول لوران فابيوس وزير الخارجي، "لمكافحة الإرهاب". وستكون هذه القوة "موازية" للقوة المؤلفة من 11 ألف رجل التي تنوي الأممالمتحدة إرسالها إلى مالي خلال الصيف.