تتأهب العائلات البجاوية، خلال هذه الأيام كالمعتاد، لاستقبال شهر رمضان المعظم،حيث تجد معظمهم يعكفون على التحضير لهذا الشهر المبارك حسب خصوصية كل منطقة من مناطق الولاية،فمع دخول شهر شعبان انهمك البجاويون في تنظيف وترميم البيوت والتسوق من أجل تامين مستلزمات المنزل خلال هذا الشهر الفضيل، وذلك للصيام في جو نظيف يشوبه الفرح ببلوغ رمضان الذي يطل علينا ضيفا عزيزا كريما كل سنة. تشهد الأسواق الأسبوعية واليومية خلال هذه الأيام المباركة،انتعاشا في تجارة بيع التوابل والأواني والتي تكتسح جل طاولات الأسواق الشعبية،التي تزدهر فيها تجارة التوابل طيلة هذا الشهر المبارك،واغلب طاولات مملوءة بمختلف أنواع التوابل، الذي لا يستغني عنه أي أسرة بجاوية.كما لا تزال العائلات البجاويون متمسكة بعاداتها وتقاليدها المتوارثة أبا عن جد والتي لا تزال قائمة إلى يومنا هذا خاصة ما تعلق منها بكيفية استقبال المواسم الدينية والفلاحية وطريقة الاحتفال بها فشهر رمضان يستقبله السكان ككل سنة هذه المناسبة الدينية التي تعود إلينا في كل عام بطريق خاصة ومميزة ففي اليوم الأول من هذا الشهر الكريم تقوم العائلات القبائلية بتحضير أطباق مختلفة ومتنوعة وككل المناطق الأخرى تبقى الشربة هي سيدة المائدة في شهر رمضان وتلازمها منذ بدايته إلى غاية نهايته والى جانب الأطباق الأخرى تحرص العائلات القبائلية على تحضير الكسكسى بالحبوب الجافة في اليوم الأول من شهر رمضان لاستقبال هذا الضيف المبارك ويكون طبق الكسكسي سواء جافا بدون مرق أو ممرق توضع فيه مختلف الحبوب الجافة المطبوخة من الحمص، الفول، الفاصوليا والبيض المسلوق والمطبوخ كما انه قد يكون به حبوبا جافة ويعتبر صيام الفتى أو الفتاة للمرة الأولى حدثا استثنائيا وهاما فعندما يصوم الصبي أو الصبية تقوم العائلة بتحضير وجبة خاصة في ذلك اليوم من شهر رمضان تتمثل في البيض المسلوق وكاس حليب وكاس ماء إلى هنا قد يبدو الأمر عاديا لكن الأمر المثير للانتباه ويدعو للغرابة هو أن الوجبة لا تقدم على المائدة فالصبي أو الصبية الصائم لأول مرة في حياته يتناول إفطاره الأول فوق القرميد أو سطح المنزل وهذا الأمر وحسب السكان أن دل على شيء فهو يدل على أن الصبي أو الصبية قد بلغ درجة من النضج وانه بذلك يمكنه الاعتماد على نفسه في بعض الأمور وصعوده إلى الأعلى من المسؤولية الغرابة لا تتوقف عند هذا الحد فالي جانب هذه الحركات الغريبة فانه يتم وضع خاتم من فضة داخل كاس الماء الذي يشربه الفتى أو الفتاة والفضة تدل على البياض والصفاء وبهذه الطريقة يتمنى أهل الصبي أو الصبية أياما بيضاء وحياة هادئة مليئة بالأفراح لأبنائهم الصائمين كما أن الخاتم يرمز الى الزواج وهذا يعني الدعاء أن تكون الحياة الزوجية للصبي أو الفتاة في المستقبل سعيدة ويغمرها الحب والصفاء للعمل وخلال السهرة تحتفل العائلة بهذا الحدث وتقدم للحاضرين مأكولات تقليدية كالخفاف ولعل أجمل ما يميز أيام رمضان الكريم بقرى و مداشر بجاية هي روح التضامن والتعاون عند القرويين فالعائلات الفقيرة بالقرية لا ينقصها أي شيء منذ اليوم الأول من هذا الشهر الكريم الى نهايته ففي كل مرة يأتي الدور على إحدى العائلات الميسورة الحال لتحضير وجبات كاملة للعائلات الفقيرة التي تنتمي الى نفس القرية وهذا حتى يتمكن الجميع من قضاء شهر رمضان في ظروف حسنة تجسيدا لآليات التضامن والتعاون وحتى في السهرة تقوم العائلة المعنية بتوزيع مأكولات مختلفة كحلوى الزلابية والخفاف على الحاضرين.