باتت أزمة السكن تؤرق الكثير من العائلات الجزائرية خاصة شريحة الشباب المقبلين على الزواج،فهم يعجزون على توفير مسكن خاص يوفر لهم الاستقرار و السكينة نظرا للأسعار الخيالية للشقق في الجزائر مقارنة بدخل العامل البسيط و الحالة الميسورة لمعظم العائلات،مما يضطرهم لاتخاذ رحلة البحث عن بيوت لاستئجارها و بأقلّ ثمن في الإعلانات التي تنشر في الجرائد الوطنية و المواقع الالكترونية،و تتفاقم هذه المعاناة أكثر بعد إنجاب الأولاد و زيادة نفقات المنزل. و تحقيق حلم الحصول على بيت للاستئجار لا يعني القضاء على كل مشاكل الأسر الجزائرية، بل هو سبب ميلاد مسلسل حلقاته الديون و التقشّف و الفقر وغيرها من الأزمات التي تخنق أفراد العائلة الميسورة الحال و التي غالبا ما تؤدي إلى أزمات نفسية و إجتماعية،ظاهرة شاعت في المجتمع الجزائري توقفت عندها جريدة "الاتحاد" و رصدت بعض بض الآراء حول الموضوع. الكراء لتطليق العزوبية يقف مشكل السكن عائقا أمام معظم الشباب المقبل على الزواج الذين يعيشون في شقق ضيقة لا تسع لأفراد عائلة كبيرة،فمنهم من يستسلم تحت ظل شبح العزوبية و آخرين منهم يستأجرون شقق لتكملة نصف دينهم،"لوكان منكريش منتزوجش.."،"دارنا رانا كاريينها و أنا رايح نكري باه نتزوج.."،"الكراء ماشي مليح مي لازم علينا نكريو.."،"لوكان ماشي لكراء ماكاش لعراس بزاف فالصيف.."،هذا ما أكده بعض الشباب في العقد الثالث من العمر لجريدة "الاتحاد" خلال الجولة الاستطلاعية التي قامت بها في حي بئر خادم،حيث وجدوا كراء بيوتا حلا ناجعا لتسهيل مهمة الزواج أمام عجزهم على شرائها أو بنائها في وقت أصبح للمال مقام و شأن عظيم و طرق الوصول إليه صعبة بسبب شبح البطالة و الرواتب الزهيدة التي يتقاضونها. ..هروبا من المشاكل العائلية و لم يبقى مشكل الكراء حكرا فقط على العزّاب بل يلجأ الكثير من الأزواج إلى تأمين بيت مستقل عن أهلهم هروبا من المشاكل العائلية،و نجدهم أمام الغلاء الفاحش للسكنات يستعينون باستئجار الشقق ، ليقعوا و بدون أي سابق إنذار في دوامة الكراء التي لا يكاد يخرجون منها،و من بين هؤلاء "عمر" من بئر خادم الذي صرّح في حديثه لجريدة "الاتحاد" أن نشوب خلافات بين زوجته و أهله دفعته لكراء منزل يضمن الهدوء و الاستقرار، بمبلغ يقدر ب10 آلاف دينار جزائري شهريا ما سبّب له ديونا أثقلت كاهله بحكم راتبه الشهري المتواضع الذي يكفي حتى لتلبية ضروريات عائلته الصغيرة كونه موظفا بسيطا،و أصبح التقشف طبع فيه لكي يخفف من ثقل الديون،كثيرون من أمثال "عمر" يحاولون الهروب من المشاكل العائلية فيقعون في مشاكل نفسية و اقتصادية و اجتماعية،أما "حسين" فضل تحمل أعباء الكراء بدل من الشكاوي التي يسمعها كل أمسية سواء من زوجته أو أمه فقال ضاحكا:"قهوة و قارو خير مسلطان في دارو". الكراء يساهم في تفكك الأسرة و على غرار التكلفة الباهظة التي باتت تتقاسم مع المواطن أجره فهو يتسبب أيضا في تفكك الأسرة و ابتعاد الأزواج عن أهلهم رغم احتياجهم لهم،كذلك يضطرون إلى تغيير الصحبة و الجيران في كل مرة يبدلون مسكن الكراء، خصوصا الأطفال الذين يغيرون المعلمين و المدرسة من وقت لآخر،ما أكدته لجريدة "الاتحاد" "نصيرة" من القبة التي قالت و هي تتأسف لتغيير جيرانها الذين تتعود عليهم في كل مرة ،كما كشفت عن مدى صعوبتها في تحويل أطفالها في كل مرة من مدرسة لأخرى مما يعكس تذبذب نتائجهم المدرسية. .. زوايا الشوارع ملاجئ للعمال و تعدى مشكل الكراء إلى الطلبة و العمال ،فيما دفع غلاء الكراء ببعض الشباب القادمين من مختلف أنحاء الوطن لمزاولة عملهم في العاصمة بعيدا عن بيوتهم إلى اتخاذ زوايا الشارع كملجأ لهم،متحملين حر الصيف و قرّ الشتاء و غير قادرين على دفع 5 آلاف دينار شهريا لاستئجار غرفة،هذا ما أكده "عبد الله" من قسنطينة يعمل كدهان في ضواحي العاصمة،فاستأجر في الأيام الأولى من العمل حسب قوله غرفة صغيرة مع زميل له بعد رحلة بحث شاقة على العثور عليها،و بعد مرور مدة زمنية قصيرة زادهم صاحب الغرفة الثمن في الكراء ما دفعهما بالتخلي عنها ،و اتخاذ زاوية في إحدى محطات الحافلات كملجأ يلجئون إليه بعد طول يوم من التعب و الشقاء ليفترشا الأرض الباردة شتاءا و الحارة صيفا،و ليس بعيد عنهما يقول "سامية" صحفية أنها قامت باستئجار غرفة مع زميلاتها في العمل ب 15 ألف دينار جزائري شهريا عند إحدى السيدات،و تقول و أمام غلاء الكراء تقوم تلك السيدة بطلب المبلغ قبل انتهاء الشهر.