دق أول أمس أطباء بياطرة ومختصون في الأمراض المعدية ناقوس الخطر حيال ظاهرة انتشار الكلاب الضالة بشكل كبير وعبر ربوع إقليم ولاية المسيلة، خاصة عقب تسجيل 447 عضة نجم عنها وفاة اثنين، بالتزامن مع تسجيل 30 حالة كلب حيواني، داعين الجماعات المحلية إلى ضرورة التدخل العاجل من أجل القضاء على تلك الكلاب الضالة التي تهدد حياة السكان عن طريق تجميعها في مراكز والتخلص منها بدل قتلها باستعمال السلاح الناري. وحسب ما كشف الدكتور محمد مرنيز الأخصائي في الأمراض المعدية بمستشفى الزهراوي بعاصمة الولاية لدى نزوله ضيفا على فوروم "الحضنة اون لاين" فإن داء الكلب في انتشار رهيب بمدينة المسيلة، خاصة بعد أن سجل خلال السداسي الأول 447 إصابة بعضة كلب مصاب بالمرض أودت إلى وفاة شخصين أخرهم طفل لا يتعدى عمره 12 سنة توفي بعد أن أصيب بالداء منذ شهرين، فضلا عن تسجيل خلال نفس الفترة المذكورة إصابة 30 حيوانا بالداء وهو رقم مخيف وجب على الجميع التنبيه لخطورته، خصوصا في ظل تماطل الجماعات المحلية في القضاء على تلك الكلاب الضالة، التي أصبحت بمثابة بؤرة حقيقة للأمراض المعدية وحسب المتحدث فإن جمعية الأطباء نظمت بمستشفى الزهراوي بالمسيلة يوما تكوينيا حول داء الكلب خاصة بعد انتشار الكلاب الضالة بكثرة وباعتبارها كما وصف بالخزان الأساسي لانتقال الداء، ومحاربته يمر حتما عبر الوقاية وخرج هذا اليوم التكويني بالعديد من التوصيات والمقترحات تصب في مجملها للحد من هذه الظاهرة وفي كيفية محاربتها وأخذ هذا الملف بجدية لكل من الجماعات المحلية وحتى المواطنين. مسؤولية الجماعات المحلية كبيرة … ومشاركة جمعيات الأحياء ضرورية وأشار الدكتور مرنيز إلى أنهم حاولوا من خلال تنظيمهم لليوم التكويني كان الهدف منه هو إشراك الجميع في محاربة الداء باعتبار أن الإصابة به توصف على حد تعبيره بالحادثة، خاصة وأن التعليمة الوزارية الصادرة شهر أفريل الفارط تحث على ضرورة عدم تسجيل أي إصابة خلال السنوات الخمس القادمة، بعد أن تم خلال العام الفارط تسجيل وفاة ما بين 15 و 20 شخصا على المستوى الوطني، مشيرا إلى أن المسؤولية ليست مسؤولية الصحة كقطاع بل مسؤولية يتقاسمها الجميع بداية من الجماعات المحلية ووصولا إلى ممثلي جمعيات الأحياء التي يجب عليها أن تلعب دورها في التحسيس حول الظاهرة وذلك لكي يكون المواطن في مأمن. أتسأل عن دور المكاتب البلدية لحفظ الصحة من هذه الظاهرة ؟ ومن بين المقترحات التي قدمها الضيفان والتي تصب في كيفية تحسيس المواطن المطلوب منه حسبهما أن لا يلعب دور المتفرج، مادام أن الشخص الذي يخرج وقت الفجر للصلاة في المسجد بات يخاف على نفسه من تلك الكلاب الضالة، شأنه شأن التلاميذ عند ذهابهم للمدرسة أو الموظف إلى عمله والفلاح إلى أرضه، مؤكدا على أن الحل موجود لوضع حد للداء والمتمثل في الوقاية والقضاء على مصدر الداء والذي يعتبر غير مكلف جدا، بل بوسائل بسيطة يمكن القضاء على الكلاب مصدر الخطر ويجب أن تصل حيرة الأطباء إلى الجماعات المحلية والمسؤولين للقيام بحملات تطوعية للقضاء عليها على شاكلة حملات جمع العقارب أو القضاء على داء اللشمانيوز، أي تضافر الجهود وتحديد المسؤوليات ولما إطلاق مؤسسات مصغرة لفئة الشباب للقيام بجمع تلك الكلاب والتخلص منها، دون أن ينسى المتحدث دور وسائل الإعلام في التحسيس حول مخاطر الداء والاعتناء بالمحيط الذي قال بشأنه بأنه محيط غير نظيف و بؤرة لكل الأمراض، خطر حقيقي على صحة الإنسان التي لا تقدر بثمن، متسائلين في الشأن ذاته ” لماذا لا تهتم الجماعات المحلية بصحة المواطن، وأين دور مكاتب حفظ الصحة والوقاية المتواجدة عبر البلديات؟ ” مضيفا الدكتور مرنيز بأن أغلب التسممات الغذائية التي تقع في الإقامات الجامعية بل وحتى في المستشفيات سببها هو قلة النظافة وانتشار الفضلات التي تكون مصدرا للكلاب الضالة، دون أن ينسى التذكير بالتشوهات التي تصيب الإنسان بعد تعرضه للإصابة بالداء وبقائه يعاني إلى آخر لحظة، خاصة في حالة التأخر في علاجه ومآله سيكون هو الوفاة التي يدركها وهو في كامل وعيه، كما أوضح بأنه لا يجب أن نطلب من المواطن جمع الكلاب والقضاء عليها لأن ذلك من مسؤولية الجماعات المحلية خاصة فيما يتعلق بضرورة تفعيل دور مكاتب حفظ الصحة والوقاية التي تبقى بعيدة عن مهامها. بوعبان "مراكز وحظائر تجميع الكلاب أحسن وسيلة للقضاء عليها " من جهته، تطرق الطبيب البيطري رشيد بوعبان إلى الحملات السنوية التي تقوم بها عدد من الجهات من اجل القضاء على الكلاب الضالة، خاصة بعاصمة الولاية أين يتم التخلص منها عن طريق القتل بالسلاح الناري، وهي الطريقة التي أوضح بشأنها المتحدث أنها عملية مكلفة وغير مجدية على اعتبار أن أحسن وسيلة للقضاء عليها هو تجمعها في حظيرة مخصصة لهذا الغرض ومنها يتم القضاء عليها بعدة طرق، مذكرا ومشيرا لطريقة القضاء عليها خلال سنوات الستينات والسبعينات بجمعها وقتلها، عكس ما هو معمول به حاليا والتي تبقى غير فعالة، وحسب ذات المتحدث فإن كل كلب مصاب بالداء يعتبر خطرا وهومهدد للإنسان والمحيط ككل وأن القضاء عليه بوضع السم في قطعة لحم أو القضاء خلال الفترة الليلة باستعمال السلاح الناري لا تجدي نفعا بل تحمل مخاطر سلبية على صحة الإنسان والبيئة، داعيا الجماعات المحلية إلى ضرورة التفكير في خلق حظائر لتجميع تلك الكلاب و القضاء عليها، حظائر يكون عندها توقيت محدود في الوقت أو الزمن وتكون محروسة مادام أن وجودها هو مرتبط بالمدة الزمنية الخاصة بحملة القضاء عليها بعد عملية تجميعها ولو تطبق يضيف الدكتور بوعبان كعملية نموذجية في إحدى دوائر الولاية ستكون ناجحة ويمكن تعميمها أو التعاقد مع شركات متخصصة، وفي الأخير خلصا الضيفان إلى ضرورة تكثيف الحملات الإعلامية والندوات والأيام التحسيسية من أجل الوقاية من الظاهرة، لاسيما استغلال منابر إعلامية كموقع “الحضنة اون لاين” المشكور على إتاحته لنا هذه الفرصة للحديث على صحة المواطن.