أكد الباحث والمؤرخ عامر رخيلة أن أحداث 5 اكتوبر1988 تعد منعرجا حاسما في الحياة السياسية بالجزائر، وهي انتفاضة شعبية بامتياز، حيث شكلت نقطة تحول في تاريخ الجزائر. وقال المحلل السياسي عمار رخيلة في اتصال مع "الاتحاد" ، أمس، أنه بعد مرور 33 سنة على أحداث 5 اكتوبر التي جاءت وراءها دوافع واسباب سياسية لكنها كانت بفعل الشارع الجزائري الذي كسر كل القيود وحطم الخطاب السياسي السائد، مسترسلا القول "ولكن للأسف انتهى بالاحتواء لان الاحداث لم تكن من قبل قوى منظمة، حيث كانت سببا مباشرا لاعادة النظر في تقييد السلطة وبداية انفتاح ديمقراطي"، وأضاف "انه اول نتيجة له كان الدستور، الذي يعد مكتسبا تحقق نص على التعددية سنة 1989 غير أن الأمور وبقيت في حدود التسمية ولا تجسيد لها بصفة كلية على أرض الواقع، حيث جاء الدستور بطرح جديدة وفتح المجال السياسي وانطلاق عهد ديمقراطي وحر، على غرار المجال الاعلامي، والحريات والقضايا".
ما الذي تغير في الجزائر بعد مرور 33 عاما؟ يرى الباحث رخيلة ان سلطة 5 اكتوبر1988 ليست سلطة اليوم، وهناك تغيير في بعض الأمور، أما عن نتائج أحداث أكتوبر كانت "هزة "للمجتمع والنظام وبدأ صراع الأجهزة في إطار التنافس، على السلطة بين الحزب ورئاسة الجمهورية، و بداية تململ من تأجيل خطاب اليأس، والمتغيرات داخل الجزائر، والإقليمية والاجتماعية والدولية، على غرار المعسكر الشرقي وسقوط العديد من الأنظمة فيه، إلا أن الأسباب التي دفعت الشباب للانتفاضة من الناحية الاجتماعية قبل 33 عاما، ما تزال قائمة لحد الساعة مع الأسف الشديد، فمعدلات البطالة والفقر ومرارة الظلم والقهر الذي يشعر به المواطن الجزائري ما زالت قائمة. أما النظام السياسي، أوضح المحلل السياسي عمار رخيلة تم اليوم إدخال بعض التعديلات في السلطة، وتغييرات في قوانينها وأساليب العمل، وتغيير في مخلف القطاعات، حيث تمكن من الالتفاف على مكتسبات انتفاضة أكتوبر، والتكيف مع التحولات الإقليمية والعالمية، مع استمراره في الممارسات ذاتها التي كانت قبل أحداث أكتوبر 1988، وأضاف المتحدث ذاته أن الدستور الجديد الحالي كرس إستقلالية تامة لجهاز القضاء. وأضاف المتحدث ذاته أنه تم انطلاق بوادر حقوق الإنسان ودعوات للديمقراطبية والانفتاح السياسي، حيث انعكس على الجزائر والتي كنت خاضع للسياسة الخارجية ، لكن الظروف الداخلية سنة 1988 جاء في ظل تململ حزب السلطة حزب جبهة التحرير الوطني ، كما عرفنا صائفة 88 ، التي شهدت الكثير من ردود أفعال ونزاعات والصراعات والاختلافات على مستوى علبة السلطة.
هل هناك قاسم مشترك بين انتفاضة 5 اكتوبر والحراك الشعبي؟
أكد المحلل السياسي عمار رخيلة ان الحراك الشعبي يختلف كل البعد عن انتفاضة أكتوبر 1988 حيث ما افرزته هذه الخيرة بعيدة كل البعد عن ما جاء به الحراك، حيث يرى رخيلة ان الحراك كان مستدرج في الجزائر حيث في يوم واحد عبر 48 ولاية تم خروج المواطنين في مظاهرات سلمية موحدة مستهدفة السلطة والنظام، كما أفاد انه ركبت موجة الحراك الكثير من الاطراف للاستغلال من طرف قوى، وجاء في ظرف صراع سياسي. وعن الفرق بين بين أحداث أكتوبر والحرك، يوضح المتحدث ذاته انه في الانتفاضة لم يغير من السلطة ،مما ادى الى إدخال بعض التعديلات في السلطة، وتغييرات في قوانينها واساليب العمل، والتنظيم السياسي والاجتماعي والإعلامي، والاقتصادي، وغيرها من المجالات، والاجتماعي خاصة بعدما اعلن الشعب عدم قدرته الاحتمال، بفعل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي عاشوها، أيام فقط سقط فيها العديد من الضحايا نتيجة المواجهات بين المحتجين والشرطة، عكس الحراك الشعبي، الذي انقلب السحر على الساحر على حد قوله، حيث تخلل الحراك صراعات داخلية وخارجية واخذ عدة منعرجات. كما أشار رخيلة على أن أحداث 5 أكتوبر خلفت مئات القتلى ومئات الجرحى والموقوفين، والتي شكلت نقطة تحول في تاريخ الجزائر، وخرج في ذلك اليوم الشباب الجزائري إلى شوارع العاصمة للمطالبة بالحرية وتحسين ظروفهم الاجتماعية والسياسية.
هل هناك تجاهل رسمي لهذا التاريخ؟
وقال عمار رخيلة ان هناك تجاهل رسميلهذا الحد المهم ، لان ذكرى 5 اكتوبر محطة متميزة في التاريخ السياسي المعاصر الحديث للجزائر، موضحا ان التجاهل كان على خلفية عدم افراز مجموعة او حزب وهئية قائمة، تتابع وتهتم بهذه المحطة المهمة ، والبحث في الى اين وصلت الجزائر بعد هذه الاحداث. واضاف الباحث والمؤرخ رخيلة أنه كون احداث اكتوبر حركة شعبية انتهى تأثيرها بتوقفها ونتائج التي توصلت اليها، خاصة وانها انتهت بوجود ضحاياواسقاط طابوهات وزعزة السلطة وذهاب مجموعة من رموز النظام ، في مقدمتهم رئيس الجمهورية السابق الشادلي. وختم رخيلة القول أنه على الرغم من اعتبار أحداث 5 أكتوبر 88 منعطفا هاما في تاريخ الجزائر غير أن المكاسب التي قام من أجلها الشعب الجزائري وبعد مرور 33 سنة بقيت مجرد حبر على ورق في العديد من الامور وأن الجزائر اليوم تجد نفسها أمام نفس السيناريو في الكثير من القضايا لكن لا نتوقع أن تعيش الجزائر نفس الأحداث ذاتها لكون الشعب اليوم صارواعيا بما فيه الكفاية، خصوصا بعد الاحداث الاخيرة التي وقت.