تجاهلت الأحزاب السياسية التي تملك كتلة برلمانية في المجلس الشعبي الوطني، مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، ما عدا حركة مجتمع السلم التي بادرت كتلتها بطرح فكرة هذا النص القانوني مطلع شهر أكتوبر، فيما ساهم نواب من شتى التيارات السياسية "بشكل فردي" في تقديم هذه المبادرة رسميا عشية ذكرى اندلاع الثورة التحريرية المباركة. وعلمت جريدة "الاتحاد" من مصادر مطلعة، بأن العدد النهائي للنواب الذين ساهموا بإثراءاتهم وتوقيعاتهم في تقديم هذه المبادرة إلى مكتب المجلس، بلغ 108 نائب برلماني، حيث شكل 65 نائبا عن حمس وقسم معتبر من كتلة الأحرار أغلبية الموقعين، فيما لم يتوانى نواب بدون كتل من أحزاب أخرى التوقيع على المبادرة، ورغم تأخر الكتل البرلمانية بالغرفة السفلى للبرلمان عن إبداء رأيها الرسمي من هذا المشروع، إلا أن عدة برلمانيين منها ساندوا مشروع القانون المجرّم للاستعمار الفرنسي ووقّعوا عليه. وكانت مصادر نيابية قد أكدت سابقا لجريدة "الاتحاد"، بأن التشكيلات السياسية التي لديها نواب في الغرفة السفلى للبرلمان، "تكون قد بدأت مشاورات فيما بينها لإثراء هذه المشروع"، لافتا إلى أن "تأخر رؤساء الكتل البرلمانية عن تقديم ردودها، راجع إلى استمرار المشاورات الداخلية التي أجرتها مع قيادات أحزابها السياسية". لكن عدم مشاركة كتل برلمانية في إصدار مشروع قانون تجريم الاستعمار، عشية ذكرى اندلاع الثورة الجزائرية، ما عدا كتلة حركة حمس، يطرح تساؤلات عن تخلي الأحزاب ذات التمثيل النيابي الواسع عن مشروع هذا القانون، أو على الأقل تفضيل التحضير للانتخابات المحلية على مناقشة إثرائه في الفترة الحالية. ولم تخفي المصادر ذاتها محاولة لوبيات الضغط على النواب من أجل إجهاض إعداد هذا المشروع، على الرغم من أن الانطباع السائد في مبنى زيغود يوسف، يُجمِعُ على أن هذا هو الوقت المثالي لتشريع قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي. وحسب رئيس الكتلة البرلمانية لحركة حمس، أحمد صادوق، فإن مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي تم إيداعه بالمجلس الشعبي الوطني، مساء الأحد 31 أكتوبر 2021، عشية ذكرى اندلاع الثورة التحريرية المجيدة، مشيرا في منشور له على صفحته الرسمية بالفيسبوك، إلى أن البرلماني عن حمس، بلخير زكريا، قد قام بإجراءات الإيداع بصفته مندوبا عن أصحاب المبادرة، والتي عرفت "مساهمة كوكبة مختلطة من نواب البرلمان تجاوزت المئة نائب، وشملت جميع الأطياف السياسية دون استثناء"، حسب صادوق. هذا وطالب مثقفون ومواطنون مطلع شهر أكتوبر الجاري، بإحياء مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، ردا على استفزازات فرنسية بحق الجزائر شعبا ودولة، فيما نصح مختصون بتضمينه بنودا فعالة تسمح باستخدامه لمتابعة الدولة الفرنسية في المحاكم الدولية، سيما ما تعلق بنقطتي الاعتذار الرسمي والتعويض الاجتماعي للمواطنين والاقتصادي للدولة الجزائرية. وليست هذه المرة الأولى لمحاولة إقرار قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، حيث سبق لنواب المجلس الشعبي الوطني، التقدم بطرح المشروع سنة 2005، ردا منهم على إقرار الجمعية الوطنية الفرنسية لقانون يمجد الاستعمار. كما وقع 154 نائبا في البرلمان سنة 2009 على مقترح قانون "تجريم الاستعمار"، لكن المشروع جُمد ولم يُحل للمناقشة والمصادقة عليه في البرلمان، تحت تبرير "دواع دبلوماسية" و"التوقيت غير المناسب". وبعد سحب مبادرة أخرى سنة 2016، عاد المشروع عبر النائب البرلماني السابق عن حزب جبهة التحرير الوطني، كمال بلعربي، الذي أطلق حملة جمع توقيعات لذات الغرض سنة 2020، لكن قيادة الأفلان الحالية عملت على تعطيل مبادرته، حسب بلعربي.