جاء الاقتراح الروسي بشأن الملف الكيمياوي في سوريا ليشكل خطوة كبيرة إلى الأمام في طريق الحل السلمي للأزمة التي تعرفها البلاد منذ 30 شهرا وذلك بعد الترحيب الدولي الواسع الذي لقيه هذا المقترح قبيل أيام من تصويت الكونغرس الأمريكي على قرار شن ضربة عسكرية ضد دمشق التي حذرت من تداعيات هذا القرار على جهود الحل السلمي للأزمة. ولقي المقترح الروسي بوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت الرقابة الدولية لإيقاف التدخل العسكري ضدها ترحيبا دوليا واسع النطاق حيث تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما "بالتعامل بجدية" مع هذا الاقتراح مؤكدا أنه "يشكل تطورا و قد يكون إيجابيا".وكما أكد بين رود مساعد مستشارة الأمن القومى الأمريكي أن بلاده ستظل "منفتحة" على المقترح الروسي القاضي بوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت مراقبة دولية مشيرا إلى أن واشنطن ستلقى نظرة فاحصة على هذا المقترح الذي يشكل تطورا ايجابيا.وأما من فرنسا رحب كلود بارتولون رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) بالاقتراح الروسي وذلك عقب اجتماعه مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولا ند موضحا أنه أمام هذا التقدم من الجانب الروسي لا يمكن إلا أن نكون راضيين عن هذا التطور.ونفس الترحيب أعربت عنه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قائلة "آن ألمانيا ستدفع بقوة باتجاه هذا المسار حتى يتم السعي بجد من أجله " بينما اعتبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن تنفيذ هذا المقترح يمثل "خطوة كبيرة إلى الأمام" بعد إعلان ترحيبها بمبادرة روسية بهذا الشأن.وفي ذات السياق رحبت كل من الصين اليابان و تركيا و إيران و بهذا المقترح الروسي معتبرة انه يشكل "تطورا إيجابيا" في الملف السوري.في حين لقيت هذه الخطوة استحسان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي "حث السلطات السورية على أن تقوم بتقديم رد ايجابي إزاء ذلك" وأكد على "أن وتيرة سريعة لدي المجتمع الدولي لتسلم الترسانة السورية من الأسلحة الكيماوية التي بحوزتها وتخزينها بشكل آمن وتدميرها".ويشار إلى آن المقترح الروسي جاء أمس عقب اجتماع وزير الخارجية الروسي سرغي لافروف مع نظيره السوري وليد المعلم في موسكو حيث قال لافروف "أنه إذا كان من شأن فرض رقابة دولية على الأسلحة الكيميائية السورية أن يوقف التدخل العسكري في سوريا فإن روسيا على استعداد للعمل مع الجانب السوري بهذا الشأن".و كما اقترحت موسكو أن تواصل الأممالمتحدة تحقيقها حول كل التقارير التي تخص استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا وأن يتم إعادة المفتشين الأميين إلى البلاد لإنهاء عملهم في هذا الخصوص. وكانت الأممالمتحدة قد أرسلت فريقا إلى سوريا في نهاية شهر أوت الماضي بعد ورود تقارير تفيد بمقتل مئات المدنيين جراء هجوم بالأسلحة الكيميائية على إحدى ضواحي العاصمة السورية دمشق في 21 أوت الماضي. تراجع الحظوظ الأمريكية بخصوص دعم الكونغرس وتأتي هذه الخطوة الروسية في خضم التحركات التي يقوم بها باراك أوباما لإقناع أعضاء الكونغرس ودفعهم نحو التصويت لصالح قراره بضرب سوريا عسكريا بذريعة استخدام سوريا للسلاح الكيمياوي ضد المدنيين وهو ما تنفيه دمشق في حين تم إرجاء التصويت الأولي الذي كان مقررا اليوم في مجلس الشيوخ الأمريكي حول مشروع قرار ضرب سوريا وذلك إثر طرح روسيا لمبادرتها حول الترسانة الكيميائية السورية.وفي هذا السياق قال عضو مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية ماكس ابراهام أن باراك أوباما بدأ يفقد الدعم الشعبي نتيجة السياسة التي يتبعها لإقناع الكونغرس بتوجيه ضربة عسكرية محددة لسوريا موضحا أن "إن أعضاء الكونغرس بعد مشاركتهم في الاجتماعات مع الإدارة الأمريكية مؤخرا لم يظهروا أي تأثر بعد الاطلاع على معلومات جديدة لهذا يبدو أن الموجة تسير بعكس ما يشتهى أوباما"،وحول الخطاب الذي من المقرر أن يلقيه الرئيس الأمريكي أمس لحشد الدعم لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا قال إبراهام "لا يوجد معلومات جديدة يمكن لأوباما الكشف عنها سواء بشأن الحصول على دعم دولي واسع أو فيما يتعلق بالترويج للتدخل العسكري وذلك من أجل زيادة حصوله للفوز بدعم مجلس النواب على وجه الخصوص".و في نفس الوقت يفسر العديد من المشرعين بما فيهم الديمقراطيون ترددهم بكونهم "لا يرون أهمية الإستراتيجية الأمريكية في النزاع في سوريا فيما يذكر آخرون سنوات الحروب الطويلة في العراق و أفغانستان و كذا عدم الاستقرار و الفوضى التي نجمت عن التحولات السياسية التي تشهدها العديد من البلدان العربية منذ سنة 2011. تحركات عسكرية تحسبا لأي عدوان محتمل أحرزت قوات الجيش السوري تقدما بعد دخولها بلدة معلولة خلال اشتباكات مع المسلحين المتمردين بعد أيام قلائل من دخول المسلحين إليها فيما لازالت تلاحقهم غربا بعد فرار بعضهم تجاه الجبال اللبنانية.وفي حال شن هجوم عسكري على سوريا قال الرئيس السوري بشار الأسد أنه على واشنطن "أن تتوقع أي شيء كرد على ذلك" موضحا أن" أي ضربة على بلاده من شأنها فقط أن تعزز نمو تنظيم القاعدة ضمن حدودها ولن تصب في مصلحة الولاياتالمتحدة".وبالمقابل أعلن البيت البيض الأمريكي أن 14 دولة وقعت على بيان يدين سوريا بسبب الهجوم المزعوم بالأسلحة الكيميائية ويدعو الى "رد دولي قوي لمحاسبة الحكومة السورية" التي تنفي ما يروج بشأن استخدام قواتها لأسلحة كيماوية محرمة دوليا و تتحدى كل من لديه أدلة على ادعاءاته أن يظهرها للرأي العام. ردود أمريكية على الحلول السورية قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن الاقتراح الروسي بوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت مراقبة دولية يشكل تطورا "قد يكون إيجابيا" في النزاع متعهدا بالتعامل معه "بجدية".وأصاف إنه تطور قد يكون إيجابيا وأقول إنه كان من غير المرجح بلوغ هذه النقطة من دون تهديد عسكري للتعامل مع قضية استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا" التي تدعى المعارضة و دول غربية و الولاياتالمتحدة بأن القوات السورية استخدمتها ضد السوريين مضيفا ، سوف نتعامل معه بجدية".وأضاف أنه غير واثق بالحصول على دعم النواب لاستخدام القوة العسكرية" ضد سوريا التي تنفي نفيا قاطعا ما يروج عنها بشأن استخدام هذا السلاح المحرم دوليا،وكان أوباما قد أعلن يوم 31 أوت المنصرم أنه اتخذ قراره بتنفيذ عملية عسكرية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد لكنه قرن هذا الأمر بموافقة الكونغرس الأمر الذي يبدو "صعب المنال" بالنظر إلى رفض العديد من النواب في الحزبين الديمقراطي والجمهوري مبدأ اللجوء الى القوة.في حين كانت روسيا قد اقترحت على سوريا وضع ترسانتها الكيميائية تحت رقابة دولية وتدميرها حيث سارعت الأخيرة إلى الترحيب بهذا الاقتراح على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم الذي زار موسكو.