أكد الأمين العام للمنظمة الوطنية للفلاحة والأمن الغذائي الخبير الفلاحي ،لعلى بوخالفة، أن الجزائر بلد فلاحي بإمتياز يملك كل القدرات والامكانيات لتحقيق أمنه الغذائي، موضحا بخصوص شعبة الدواجن أنه يجب إيجاد حلول لضمان استقرار السوق والتفكير في كيفية تسقيف الأسعار وتحديد هامش الربح، وقال في حوار مع جريدة "الاتحاد" أنه لا يمكن التلاعب بالعقار الفلاحي. حاورته: خديجة قدوار * تعطي الحكومة أولوية كبيرة للعقار الفلاحي… ممكن كلمة في هذا الشأن ؟ هناك نوعين من العقار، هناك الأراضي التابعة للقطاع الخاص وهناك الأراضي التابعة للدولة، بالنسبة لأراضي الدولة مبدئيا "لا تباع" ، هي تبقى ملك للدولة و تمنحها في إطار "الاستثمار" سواء كانت مزارع نموذجية أو استثمارات فردية، أو استثمارات جماعية أو تعطى في إطار الإمتياز … سابقا كان الامتياز كان 90 سنة والآن أصبح 40 سنة -تعطيك الدولة الأرض لمدة 40 سنة للاستثمار مجددة أي المدة يمكن أن تجدد-، بالنسبة للعقار هناك قوانين صارمة في هذا المجال لا تباع ولا تتنازل الدولة عنها، وكل ما يتم تشييد مصانع أو بناءات فوق الأراضي الفلاحية القرار هو أنها تهدم لأن "الأراضي الفلاحية تبقى فلاحية" غير أن هناك بعض الاستثناءات لما تكون هناك ضرورة وطنية – مثلا للمصلحة الجماعية- ممكن هناك لجنة متكونة من مسؤولين في الدولة تجتمع لدراسة القضية… ربما يتعلق الأمر ببناء مسجد أو بناء مدرسة أو سكنات هنا ممكن تكون هناك حالات خاصة، ولكن دون ترخيص من الدولة لا يمكن التلاعب العقار الفلاحي. * كيف يمكننا تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب وبالتالي التصدير للخارج ؟ أما بالنسبة للأمن الغذائي منذ الاستقلال إلى يومنا هذا حققنا نسبة مرتفعة من الأمن الغذائي خاصة في المواد ذات الاستهلال الواسع ، كالخضروات والفواكه … تقريبا 75 بالمئة من احتياجاتنا منتجة محليا ، وبلغنا ما يسمى بالاكتفاء الذاتي ، وكان هناك في بعض الأحيان حتى "الفائض" ، نبقى للأسف مرتبطين بالخارج في ثلاث مواد رئيسية هي "الحبوب، بدرة الحليب، واللحوم الحمراء" مازلنا نستوردها من الخارج بكميات كبيرة جدا ، وخاصة ما تعلق ب"الحبوب " وتكلف خزينة الدولة مبالغ باهظة، فبالنسبة للحبوب نستورد تقريبا ما بين 70 إلى 80 مليون قنطارا سنويا ما يكلف خزينة الدولة أكثر من 3 ملايير دولار … أما بالنسبة لبدرة الحليب نستورد كميات كبيرة تكلف خزينة الدولة أكثر من 600 مليون دولار ، ونفس الشيء للحوم، والحمد الله منذ مجيئ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلى سدة الحكم تنفطن إلى هذا الجانب وقرر خلال الإجتماعات الوزارية – في كل إجتماع وزاري نرى أن قطاع الفلاحة يستفيد من قسط كبير من القرارات – وخاصة أن هذه الشعبة " شعبة الحبوب، والحليب ، واللحوم الحمراء". بالنسبة للحبوب ومن بين الإجراءات اتخذت إلى حد الآن أول إجراء هو رفع مستوى استرجاع أسعار الحبوب إلى الديوان الجزائري للحبوب حيث أصبح سعر القمح الصلب 6 آلاف دينار للقنطار ، وسعر القمح اللين 5 آلاف دينار للقنطار ، وسعر الشعير والخرطال 3400 دينار للقنطار.. هذه الأسعار تعتبر أسعار تحفيزية تشجع المزارعين للإنتاج أكثر مما ينتجونه حاليا، كما أنه من شأنها جذب المستثمرين الجدد ، الأسعار أصبحت مغرية وتشجع الفلاحين، هناك قرارات أخرى لا تقل أهمية اتخذت في إطار المجالس الوزارية منها رفع المردودية بين 30 و35 قنطار للهكتار غير أنه حاليا المردودية لا تتجاوز 17 قنطارا في الهكتار.. لدينا في مجال الحبوب تقريبا 3 ملايين هكتار مخصصة للحبوب ولو نحقق هذه المردودية – بعملية حسابية معناه 3ملايين هكتار مضروبة في 30 قنطارا في الهكتار تعطينا 90 مليون قنطار- وهي تعبر عن الإكتفاء الذاتي لأنه منتوجنا يتراوح غالبا 30 مليون قنطار وهو ضئيل جدا … لو المردودية تصل إلى 30 قنطار في الهكتار نصبح ننتج 90 مليون قنطار وهو الاكتفاء الذاتي ، معناه وضع حد نهائي للاستيراد. ولكن يمكن أن نحقق مردود أكثر بكثير من 30، هناك بعض المزارعين في بعض المناطق على غرار غرداية وأدرار أو المنيعة وصلوا إلى غاية 80 قنطار في الهكتار تصوروا لو مثلا نضع معدل 80 قنطار في الهكتار على مستوى الوطن نصبح ننتج- 80 قنطار مضروبة في 30 هكتار نصبح ننتج 240 مليون قنطار- ، واحتياجاتنا 90 مليون فقط…. يبقى فائض تقريبا 150 مليون قنطار يمكن أن نقوم بتصديره وفي هذه الحالة سنكون قطبا فلاحيا منتجا للحبوب بإمتياز، وسننافس الدول الرائدة في هذا المجال. اليوم نعتمد على بدرة الحليب ولكن إذا أنشأنا مزارع نموذجية وضمنا الغذاء الرئيسي " العشب" يمكننا أن نتفادى استيراد بدرة الحليب وننتج الحليب الطازج … شعبة الحليب بها ثلاثة محاور ، أولا إختيار البقر الذي يناسب ويتأقلم مع المناخ وتوفير الغذاء الرئيسي " العشب" لأن إعطاء الغذاء المركز للبقر الحلوب خطأ … الغذاء المركب يعطى للتسمين وليس لإنتاج الحليب وذلك لضمان الجانب الصحي والنظافة والوقاية للبقر ، وذلك لنكون بلدا منتجا للحليب وبالتالي الاستغناء عن استيراد بدرة الحليب. اللحوم الحمراء لدينا رؤوس الأغنام والماعز وتربية العجول والابل وكل الأنواع الحيوانات المنتجة للحلوم ولكن لا وجود للتنظيم .. هناك عجز في الأعلاف ، وعجز في تعداد القطعان، لو نعتمد على الرقمنة ونخلق مزارع نموذجية يمكننا إنتاج اللحوم الحمراء محليا والحليب أيضا والاستغناء عن كل المواد المستوردة والتي تكلف خزينة الدولة مبالغ باهظة. أما بالنسبة للمردودية التي حددها رئيس الجمهورية ما بين 30 و35 ممكن جدا لكن إذا احترمنا ما يسمى ب" المسار التقني" سنحقق أكثر من هذا الرقم ، والأخير يتمثل في تهيئة التربة تهيئة جيدة ، ولهذا الغرض رئيس الجمهورية أتخذ قرارا ورفع الحجز عن استيراد العتاد الفلاحي وقطع الغيار وخاصة الجرارات التي لا يتعدى عمرها 5 سنوات … هذا ما يمكننا من تهيئة التربة تهيئة جيدة، كما أن اختيار البذور التي تتأقلم مع التربة والمناخ ، أما المحور الثالث فيتمثل في إختيار الأسمدة وأوقات استعمالها، إضافة إلى محاربة الأعشاب الضارة… إذا إحترمنا المسار التقني يمكننا تحقيق مردودية مرتفعة في هذا المجال، دون أن ننسى تقنيات الري … يجب التعامل مع التقنيات الحديثة – الري الذكي، الري الاقتصادي، الري بالتنقيط- والذي من شأنه الرفع من المردودية ويمكننا من الاقتصاد في المياه… الجزائر بلد فلاحي بإمتياز يملك كل القدرات والامكانيات لتحقيق أمنه الغذائي. * بالنسبة لموضوع شعبة الدواجن.. ما هي المشاكل المطروحة ؟ والحلول المقترحة في هذا المجال ؟ تعتبر شعبة الدواجن من الشعب الاستراتيجية التي تساهم في تلبية حاجيات المواطنين من البروتين الحيواني، وأصبحت حتى اللحوم البيضاء تعتبر "لحوم الفقراء"، هذه الشعبة تعاني ثلاثة عقود من أزمات متكررة، هناك سوء تسيير وغياب للتخطيط الاستراتيجي والتنظيم المحكم والمتابعة… التحكم في أمهات الدواجن، هناك أمهات الدواجن هي العنصر الأساسي الذي يمكننا من وضع استقرار في السوق، لأن السوق يتطلب حوالي 6 ملايين أم من أمهات الدواجن ، للأسف تارة نجد 12 مليون وتارة أخرى نجد أقل بكثير ، حينما يكون العدد أكثر بكثير هناك المشكل الذي يقع هو "الفائض" وبالتالي المربي يضطر لتسويق الدجاج بأسعار أقل بكثير من التكلفة ، وهذا ما يؤدي إلى الإفلاس ، ويغادر الميدان ويترك المجال فارغا … وبعد وقت قصر نجد ندرة في السوق، وبالتالي ترتفع الأسعار ارتفاعا جنونيا ونصبح نحن المستهلكين الضحية. أما بالنسبة للأعلاف فعلى الدولة أن تفكر في تدعيم الأعلاف ، كما أنه يجب التفكير في حماية المحيط الجزائري للأوبئة … هناك أمراض خطيرة من شأنها أن تؤثر سلبيا على الدواجن على غرار أنفلونزا الطيور والأمراض المتنقلة… يجب أن نجد حلولا لضمان استقرار السوق والتفكير في كيفية تسقيف الأسعار وتحديد هامش الربح. قلت أن البيض سيعرف إرتفاعا جنونيا وعدم الاستقرار ، كما أنه سيشهد إرتفاعا آخر لأن هناك ثلاث أسباب أدت لذلك "عدم وجود أمهات الدواجن في السوق- السوق يتطلب 400 ألف ونحن لدينا 120 ألف دجاجة- أي 30 بالمئة من حاجيات السوق ، لما يكون عدد أمهات الدواجن قليل بالتالي غير ممكن أن نتحصل على "الكتاكيت" التي تربي وتصبح مولدة للبيض، لهذه الأسباب أصبحت اليوم الدجاجة المنطلقة التي تربى وتعطي البيض أصبح سعرها 900 دينار للدجاجة غير أنه في السابق لم يكن السعر يفوق 560 دينار ، نفس الشيء للكتكوت كان في السابق ب80 دينار واليوم تقريبا وصل إلى 200 دينار ، إذا بالنسبة للأسباب الرئيسية لرفع سعر البيض أولا هو النقص في أمهات الدواجن في السوق أما المشكل الثاني على غرار اللحوم البيضاء نقص الأعلاف ، سعر أعلاف "الدجاج البياض " تقريبا وصلت إلى 7800 دينار للقنطار وهذا يعتبر مرتفعا جدا مقارنة بالمقاييس المعمول بها… يجب إعادة النظر في سياسة الأعلاف الدولة تتدخل لدعم الأعلاف وغيرها ، القرار الذي اتخذه وزير الفلاحة و المتمثل في تسقيف الأسعار ، فإنه لا يمكن القيام به الآن في الوضعية الحالية لكن يجب قبل كل شيء إيجاد الحلول للأسباب ومن ثم نفكر في تسقيف الأسعار، وذلك لغلق الأبواب على المضاربين. * ممكن كلمة حول العلاقات التي تربطها الجزائر مع الدول وجهودها في سبيل تحقيق انتعاشها الاقتصادي؟ بالنسبة للإنتعاش الاقتصادي .. أعتقد أن الجزائر اتخذت كل الإجراءات اللازمة في هذا المجال في جميع القطاعات سواء صناعية أو فلاحية أو سياحية … لاحظنا اليوم تحسن مستوى الدينار الذي كان في إنهيار، ولاحظنا تسجيل مشاريع صناعية وخاصة منها تركيب السيارات، وإعادة إحياء الشركات القديمة التي إندثرت، والتعامل في إطار الشراكة مع الدول الأجنبية التي لديها خبرة كبيرة في هذا المجال شملت كل الميادين، اليوم لما نرى زيارات الدول واستقبالهم من طرف الحكومة ووزير الفلاحة لمناقشة إمكانية التعاون الثنائي ، نفس الشيء للصناعة … نحن في الطريق الصحيح وهذا يعود بالأساس إلى القرارات الصارمة التي إتخذها رئيس الجمهورية، الفلاحة تعتبر العمود الفقري لبناء الاقتصاد الوطني والجزائر قارة وبلد فلاحي بامتياز.