هل تلاعب النظام الروسي بالانتخابات الرئاسية الأمريكية أم لا؟ سؤال تسيد الحملات الرئاسية بين المرشحة الديمقراطية الخاسرة هيلاري كلينتون والمرشح الجمهوري الفائز دونالد جي ترامب. وظل الأخير يؤكد أن كل ما حصل عليه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي كلمات ثناء ليس إلا وأنه لم يلتق الرئيس الروسي أبداً. لكن المؤسسة الأمنية الأمريكية كانت تراقب بحذر ما يقال ويشاع وكما قال المسؤولون فيها يوم السبت إن وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي إيه» غيرت قبل أسبوع تقييمها حول التدخل الروسي في الانتخابات لتستنتج أن حكومة بوتين لا تحاول التأثير على الانتخابات ولكنها حاول منح الأفضلية لمرشح معين. ولأن الوكالة الأمنية كانت تخشى من اتهامات التسييس فإنها ترددت بالتوصل إلى هذه النتيجة، رغم إيمان مناصري المرشحة الديمقراطية كلينتون بهذه الحقيقة في ضوء التسريبات لرسائل مدير حملتها الإلكترونية وغيرهم. تحقيق فمنذ شهر تشرين الأول/أكتوبر بدت إشارات عن محاولات روسية للإضرار بكلينتون.وقال مسؤول آخر نقلت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» إن بطء «سي آي إيه» في تغيير تقييمها كان سبباً دعا الرئيس باراك أوباما طلب مراجعة كاملة بالأمر «لتعلم الدروس» من عملية التأثير على الانتخابات. ولكن الحديث عن موقف المخابرات المركزية وتقييمها الذي لا يزال سرياً دعا فريق ترامب المسؤول عن المرحلة الانتقالية لشن هجوم حاد على المخابرات وقالوا إن «هؤلاء هم الأشخاص أنفسهم الذين قالوا إن صدام حسين يملك أسلحة دمار شامل». وقالت الصحيفة إن ترامب اختلف في الموضوع مع النواب الجمهوريين الأعضاء في لجنة الشؤون الأمنية بالكونغرس والذين قالوا إن أدلة قدمت لهم في لقاءات خاصة تظهر حملة روسية للتدخل في الإنتخابات. وقالت الصحيفة إن الصدع في علاقة ترامب مع المؤسسة الأمنية يطرح أسئلة حول كيفية التعامل معها بعد توليه المنصب رسميا بداية العام الحالي، خاصة أنه سيعتمد عليها للحصول على تقييمات حول الصينوروسيا والشرق الأوسط وكذا حملات ملاحقة المتشددين عبر «الدرون» وكذا الحرب الإلكترونية. وفي الوقت الحالي يتعلم الرئيس المنتخب عن المؤسسة الأمنية بطريقة لم يعرفها من قبل إلا أن المشكلة أنه لا يشكك في التحليل المقدم له منها فقط بل والحقائق القائم عليه. ونقلت «نيويورك تايمز» عن مايكل هايدن، الذي كان مستشاراً للأمن القومي ثم مديراً للاستخبارات الأمريكية في عهد جورج دبليو بوش قوله مستغرباً وجود رئيس منتخب للولايات المتحدة يرفض الحقائق التي جمعها مجتمع الاستخبارات لأنها لا تتفق مع افتراضاته الأولية. وتعلق الصحيفة أن المشاعر الحزبية من الجانبين جعلت من الحقائق الرئيسية أساساً للخلاف، فمن جهة يرى مناصرو ترامب أنها محاولة لتقويض رئاسته فيما رأى مناصرو كلينتون أنها مؤامرة لمنعها من الفوز بالرئاسة. وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قد أشارت إلى اعتقاد «سي آي إيه» بتدخل الروس لعرقلة حملة كلينتون وتعزيز حملة ترامب. فيما كشفت «نيويورك تايمز» عن عملية قرصنة روسية لشبكات الكمبيوتر التابعة للجنة القومية في الحزب الجمهوري وكذا اللجنة القومية للحزب الديمقراطي. ولم يتم نشر سوى الوثائق المتعلقة بالديمقراطيين. غاضبون وفي الوقت الذي لا توجد فيه أي أدلة عن تأثير التدخل الروسي في نتائج الانتخابات ولا شرعية الرئيس المنتخب إلا أن ترامب ومساعديه يريدون إغلاف الباب أما أي فكرة تشير إلى ان بوتين هو الذي وضع ترامب في البيت الأبيض. وفي رد على سؤال وجهته إليه مجلة «تايم» حول التدخل الروسي وعمليات القرصنة قال إنها «لغز» وقد تكون وراءها روسيا أو الصين أو أشخاص من نيوجرسي. ويقول الجمهوريون الذين يسيطرون على لجان الاستخبارات والبنتاغون والأمن الوطني في الكونغرس إن هناك تدخل روسي في العملية الانتخابية لكن هناك حاجة لفحص مدى التدخل وتحقيق وشهادات عامة. ومن المسائل التي يريد الكثيرون الإجابة عليها تتعلق بالرؤية التي شكلتها الوكالات الاستخباراتية حول اختراق شبكات الجمهوريين ولماذا قال مكتب التحقيقات الفيدرالي «أف بي أي» للجمهوريين إنه لم يحصل على دليل يشير لاختراق. وعلق النائب الجمهوري عن تكساس مايكل ماككول قائلاً «يجب عدم السماح للحكومات الأجنبية بالتدخل في ديمقراطيتنا». ودعا للرد بسرعة وقوة لو حصل هذا. ووعد بعقد جلسة اجتماع قائلاً إن النشاط الروسي «يدعو للتحرك»، وكذا النائب الجمهوري عن أريزونا، جون ماكين. واعترف يوم الجمعة ديفيد نانز، النائب الجمهوري عن كاليفورنيا وأحد مؤيدي ترامب قائلاً إنه لا يشك في الجرم الذي ارتكبته روسيا ولام «سي آي إيه» وغياب الرد العقابي من إدارة أوباما. وهناك انقسام بين لجان الكونغرس حول عدم مشاركة سي آي إيه المعلومات حول التدخل الروسي مع «أف بي آي». وهناك إشكالية تتعلق بتعامل المخابرات مع الموضوع وتتعلق بتسييس التحليل الاستخباراتي وهو ما استخدمه ترامب للرد على متهميه. في إشارة للعراق، فالمعلومات قد تكون مشوهة أو ربما استخدمتها إدارة جورج دبليو بوش بطريقة انتقائية لدعم الغزو عام 2003. وتشير صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن النقاش الذي يظهر حول القرصنة الروسية أكثر تعقيداً نظراً لرفض وكالة الأمن القومي و«سي آي إيه» الكشف عن المصادر البشرية او الأدوات التي زرعتها موسكو في الأنظمة الأمريكية.