جاء تصنيف هيئة الضمان والتأمين على الاستثمار والتجارة الخارجية الفرنسية ''كوفاس''، كانعكاس للمخاوف التي انتابت المستثمرين الأجانب من التدابير والإجراءات المفروضة من قبل الحكومة الجزائرية على المستوى الاقتصادي، وعلى هذا الأساس جاء تصنيف تقييم مناخ الأعمال والاستثمار الجزائري سلبيا في الدرجة ''ب''. وبعد موازنة بين نقاط القوة والضعف صنفت الهيئة الفرنسية المرتبطة بهيئات الضمان والتأمين لدول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التي تشمل كافة الدول الصناعية الكبرى، صنفت ''كوفاس'' الجزائر عموما في الدرجة ''أ''4 أي مخاطر عالية نسبيا، إلا أن تصنيف مناخ الأعمال والاستثمار كان سلبيا أكثر، وذلك راجع إلى الإجراءات المتخذة من قبل السلطات العمومية الجزائرية في مجال الاستثمار والتجارة الخارجية. وقد حدد تقييم الهيئة الفرنسية نقاط القوة في الاقتصاد الجزائري بالاحتياطات المعتبرة للغاز والنفط وقلة المديونية الخارجية، وأخيرا احتياطات الصرف المعتبرة التي فاقت حاليا سقف 160 مليار دولار. بالمقابل، حددت الهيئة الفرنسية عددا من نقاط الضعف المؤثرة سلبا على تقييم المخاطرة الجزائرية من بينها التبعية شبه المطلقة للمحروقات والسياسة التقييدية المتبعة تجاه الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي أعاقت أي آفاق لتطويرها، فضلا عن نسب البطالة العالية لدى الشباب وهشاشة محيط الأعمال. وفيما يتعلق بأهم المؤشرات فقد توقعت ''كوفاس'' أن تصل نسبة النمو في الجزائر هذه السنة إلى 6,4 بالمائة، وهي نسبة بعيدة عن توقعات الحكومة الجزائرية التي توقعت نسبة نمو بأكثر من 6 بالمائة. واعتبر تحليل كوفاس أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية أثرت سلبا على الجزائر من خلال القناة التجارية، وتجلى ذلك في انكماش الطلب على المحروقات وتراجع أسعار المحروقات. ولاحظ التقييم العام أن الجزائر استفادت مع ذلك من النفقات العمومية لتدعيم نمو عدة قطاعات من بينها البناء والأشغال العمومية وتوظيف الموارد المالية لصندوق ضبط الميزانية، وسمح توفر السيولة باعتماد برنامج واسع للاستثمارات في المنشآت القاعدية. بالمقابل لاحظ التقييم أن القيود المفروضة على التجارة الخارجية أثرت سلبا على القطاع الخاص وعلى التشغيل، فيما سجل انكماش للاستهلاك مع إلغاء قروض الاستهلاك البنكية. وأكد التقييم أن سنة 2010 سجلت مع ذلك انتعاشا لإنتاج المحروقات، لكن تراجع الطلب على الغاز من قبل البلدان الأوروبية التي تعتبر أهم زبائن الجزائر يؤثر سلبا على الإنتاج الجزائري، بينما تتدعم قطاعات عديدة بالنفقات العمومية في مجال النمو خارج المحروقات. وتوقع التقييم أن تسجل الجزائر على غرار 2009، هذه السنة، عجزا في الميزانية، ورغم ارتفاع أسعار النفط والإيرادات، إلا أن الموارد الخاصة في صندوق ضبط الميزانية ستظل كافية لتغطية العجز، فيما تمثل قلة الديون عاملا إيجابيا يتيح هوامش حركة للحكومة، خاصة مع مواصلة الاستدانة من الخارج للمؤسسات. وخلص التقييم إلى أن الوضع الأمني تحسن والأحداث المنعزلة لن تؤثر على النشاط الاقتصادي والاستثمارات، وأن هنالك مؤشرات استقرار سياسي، إلا أن التدابير الحمائية باتجاه الاستثمارات الأجنبية والواردات تؤثر سلبا على مناخ الأعمال والاستثمار في الجزائر على المدى القصير وعلى الاقتصاد الجزائري على المدى الطويل وتؤدي إلى مضاعفة التكاليف والأعباء على المؤسسات.