خفضَت الوكالة الفرنسية لضمان التجارة الخارجية "كوفاس"، التصنيف الخاص بمناخ الأعمال في الجزائر، بسبب الإجراءات الجديدة الخاصة بالتجارة الخارجية والاستثمارات الأجنبية المباشرة وشروط تحويل الأرباح إلى الخارج، التي شرعت الحكومة الجزائرية في تطبيقها بموجب قوانين المالية التكميلية لسنوات 2009 و2010. ووضع التصنيف الذي أعدته الوكالة الفرنسية والخاص بالسداسي الأول من العام الجاري، الجزائر تحت المراقبة السلبية في الخانة (ب)، وهو أضعف تصنيف للجزائر خلال الأعوام الخمسة الماضية، بعد أن تمكنت الجزائر من بلوغ التصنيف (أ 4) في السداسي الثاني من سنة 2008. وتعتمد "كوفاس" في تقييم درجة المخاطر الخاصة ببيئة الأعمال في مختلف البلدان، على مجموعة من المعايير الخاصة ببلد المقصد ومنها شروط المعاملات التجارية ونوعية المعطيات الخاصة بالإقراض والحماية ضد المخاطر التي تعترض الدائنين وبعض المؤشرات الخاصة ببيروقراطية الإدارة الاقتصادية. وقالت "كوفاس" إنها تلاحظ منذ جويلية 2009، تراجعا متواصلا في مناخ الأعمال بالجزائر، مشيرة إلى أن هذه الوضعية ازدادت حدة خلال السداسي الأول من السنة الجارية نتيجة سلسلة الإجراءات الجديدة المعتمدة من الحكومة الجزائرية والتي تهدف في ظاهرها إلى الحد من الواردات التي بلغت السنة الماضية 40 مليار دولار، فضلا عن الحد من خروج رؤوس الأموال، غير أن هذه الرزمة من الإجراءات الحكومية جاءت بنتائج عكسية على رؤساء المؤسسات وقطاع الأعمال عموما. وأوضحت "كوفاس" أن الإجراءات التي اتخذتها الجزائر منذ السنة الماضية، جعلت الاقتصاد يئن أكثر فأكثر تحت الضغوط البيروقراطية، مما أنعكس سلبا على جاذبية الوجهة الجزائرية في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة، على الرغم من حاجة الاقتصاد الجزائري إلى نمو حقيقي للقطاعات غير النفطية وإلى خلق المزيد من مناصب الشغل. وأكدت "كوفاس" أن الاقتصاد الجزائري تضرر كثيرا من الأزمة المالية العالمية من خلال القنوات التجارية، التي انعكست جليا في صورة تراجع حاد في الطلب على المحروقات سنة 2009، وبالتالي تراجع أسعار البترول والغاز التي تمثل 98 % من الدخل بالعملة الصعبة. وأشارت الوكالة إلى تراجع إنتاج المحروقات بسبب الأزمة العالمية من جهة والقيود على الحصص التي وضعتها منظمة "أوبك"، موضحة أن معدلات النمو خارج قطاع المحروقات حافظت على تماسكها بفضل برامج الاستثمار العمومية التي تمولها الحكومة مباشرة من صندوق ضبط الموارد، غير أن نمو الناتج الداخلي لم يكن بالشكل المتوقع بسبب الإجراءات الخاصة بالتجارة الخارجية والاستثمارات الأجنبية التي انعكست سلبا على القطاع الخاص وبالتالي على معدلات البطالة التي بقيت في حدود 20 % حسب هيئات دولية محايدة، فيما تقول الحكومة أن المعدل لا يتعدى 11٪. وبخصوص النمو المتوقع للسنة الجارية، تتوقع "كوفاس"، زيادة طفيفة في معدلات إنتاج المحروقات، يدعمها التحسن المسجل في الطلب الأوروبي على الغاز، ولو بمعدلات أقل من المعتاد، في مقابل معدلات نمو أفضل في القطاعات الحقيقية مدعومة باستمرار الحكومة في تنفيذ برامج استثمار عمومية. وأوضحت الوكالة في تقريرها أن العجز المسجل السنة الماضية، سيتواصل رغم التحسن الطفيف الذي سجلته أسعار البترول في الأسواق العالمية. في مقابل ذلك شددت الوكالة على تراجع مستويات المديونية العمومية إلى حوالي 9.5 مليار دولار، مما يتيح للحكومة تقول "كوفاس" هامش مناورة أفضل. وكشفت "كوفاس" أن الحكومة الجزائرية تعتقد خطأ بجدوى الإجراءات الجديدة للحد من فاتورة الواردات، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات قد تظهر بعض التراجع الظرفي في إجمالي الواردات، لكنها ستعرقل تنمية الاقتصاد إجمالا على المدى الطويل نتيجة القيود العديدة التي ستجابه المؤسسة الجزائرية عموما والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة خصوصا نتيجة ضعف إمكاناتها المالية.