توظيف مدرسين كمتطوعين والأجر لا يتعدى الثلث كشف تقرير تسلمته مصالح الرئاسة شهرا قبل إقالة المدير العام لديوان محو الأمية عن تجاوزات خطيرة ل''ضرب مشروع راهن عليه رئيس الجمهورية''، ف70 بالمائة من تقارير الديوان ''مفبركة''، بدءا بعدد الدارسين الذي لا يتجاوز 250 ألف بدل المليون الذي تم الإعلان عنها، بالإضافة إلى تهديدات ممارسة على مدراء الملحقات لتضخيم عدد الدارسين وإجبار أكثر من مدرسين (02) على اقتسام راتبهم الشهري كشرط للتوظيف.. وصولا إلى ''تخريب'' مطبعة الديوان و''فضيحة'' طبع 5 ملايين كتاب لا علاقة لها ببرامج محو الأمية. وجه أعضاء من مجلس التوجيه على مستوى الديوان الوطني لمحو الأمية بتاريخ 08 جوان المنصرم مراسلة إلى رئاسة الجمهورية تتضمن تشريحا مفصلا عن ''وضعية الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية''، وكذا ''ديوان محو الأمية'' تضمن تحذيرات من فشل المشروع الذي تبناه رئيس الجمهورية في تعليمة رئاسية صدرت بتاريخ 18 سبتمبر 2004، حيث خصص له ميزانية تعادل 5 آلاف مليار سنتيم. وجاء في تقرير خاص بالديوان تحوز ''الخبر'' على نسخة منه، بأن هذه ''المؤسسة أصبحت غير وظيفية لأن معظم المصالح أفرغت من مهامها، خاصة ما تعلق بالعمل البيداغوجي كالتكوين والبحث والبرامج، كما أن إعداد الوسائل التربوية أصبحت توكل لأشخاص يفتقدون للخبرة في الميدان، ما نجم عنه عدم ملائمة البرامج للتدريس بها في محو الأمية''. ''شل مطبعة الديوان وطبع 05 ملايين كتاب لا علاقة لها بمحو الأمية بمطابع أخرى ومن بين التجاوزات التي تضمنها التقرير، وجود خمسة مناصب لرؤساء مصالح شاغرة، وهو نفس ما جاء في محضر اجتماع مجلس التوجيه المنعقد بتاريخ 02 مارس 2010 تحوز ''الخبر'' على نسخة منه، بمعنى أن ميزانية الديوان تتضمن خمسة مناصب مالية يستفيد منها أشخاص مجهولون، بالإضافة إلى تخريب مطبعة الديوان وشل نشاطها وإحالة عدد من عمالها على التقاعد، حيث تم إقناع وزير التربية بضرورة الاستعانة بمطابع من خارج الديوان. وفي هذا الإطار بالذات، اتهم أعضاء مجلس التوجيه الإدارة السابقة للديوان، ب''التلاعب'' بالأموال الموجهة لطباعة الكتب، وإلا كيف يفسر شل مطبعة الديوان التي كلفت خزينة الدولة ملايير الدينارات، وإصراره على التعامل مع مطابع لا علاقة لها بالديوان؟ وتبين فيما بعد حسب التقرير بأن وقف نشاط المطبعة كان تمهيدا لطبع 5 ملايين كتاب من أموال الإستراتيجية بمطابع أخرى، في حين أنه كان من المفروض صرف هذه الأموال في أمور أخرى باعتبار أن المطبعة التهمت هي أيضا الملايير من نفس الميزانية. وتحوز ''الخبر'' على مراسلة وجهها رئيس ورشة المطبعة إلى رئيس الجمهورية، تحمل توقيعه بتاريخ 19/05/2010، حذر فيها من الوضع الذي آل إليه الديوان، حيث أشار إلى محاولات متكررة لغلق المطبعة تصدى لها العمال فهُددوا بالفصل والمتابعات القضائية، ''ها هي أغلقت المطبعة ولكن بطريقة غير مباشرة، حيث إننا لم نطبع أي كتاب منذ 2006 ويتم الطبع خارج الديوان تارة بحجة الكمية الكبيرة، وتارة بحجة الصيانة، حتى إن الوثائق الإدارية أصبحت تطبع خارج هذه الهيئة..''. وجاء في نفس الوثيقة، بأن عملية طبع الكتب جاءت على أساس تقدير نظري وبيروقراطي لعدد الدارسين المقرر تسجيلهم بأمر إداري، وبالتالي -يشير التقرير- فالكميات المطبوعة هي أكبر من العدد الفعلي للدارسين. وبالنسبة لملف الدارسين، فقد أشار أعضاء مجلس التوجيه في مراسلتهم الموجهة لرئيس الجمهورية، إلى إجبار المرشحين للحصول على وظيفة عون متعاقد مكلف بمحو الأمية أو المقترح في إطار جهاز المساعدة على الإدماج المهني على تسجيل 40 دارسا، وإلا فقد فرصة الحصول على المنصب، كما تم ''مساومة'' مدراء الملحقات وإجبارهم على تسجيل نسبة سنوية معينة في أقسام محو الأمية، وعلى أساس 40 دارسا لكل منصب عمل، وإلا فقد المنصب ''بل وقد يهدد بطرده من منصبه كمدير''. وهو ما أشار إليه رئيس الرابطة الوطنية للكتاب ومحو الأمية ''القلم'' في مداخلة تضمنها محضر اجتماع مجلس التوجيه المنعقد بتاريخ 02 مارس 2010 الموجود بحوزتنا. ما يؤكد حسب التقرير بأن الكمية الرسمية لتطور عدد الدارسين في أقسام محو الأمية مضخمة ولا تمت بصلة إلى حقيقة الواقع، كما أن إنجاز برامج محو الأمية وفق الحجم الساعي المحدد ''بيداغوجيا'' والمقدر ب756 ساعة للمستويات الثلاثة يتناقض والحجم الساعي الذي يفرضه توفر هياكل الاستقبال. وبالنسبة إلى أطوار التعليم في محو الأمية، فقد عمد الديوان إلى مخالفة القانون من خلال دمج الطورين الثاني والثالث في طور واحد لتتقلص مدة التدريس إلى مستويين بدل ثلاثة. وحسب أعضاء مجلس التوجيهي الذين تحدثوا إلى ''الخبر'' فإن مبنى ديوان محو الأمية الواقع في حي راقي يضم معظم السفارات الأجنبية، تحول إلى مطمع العديد من الجهات، ورغم مطالبة الجمعيات الناشطة في مجال محو الأمية بمقرات داخل المبنى، إلا أن المدير السابق تنازل عن جزء من الديوان لفيدرالية أولياء التلاميذ. 70 بالمائة من تقارير الديوان ''مفبركة'' حسب رابطة ''القلم''.. وتحدث التقرير عن ثغرة مالية كبيرة تم اكتشافها من قبل مصالح المراقبة المالية مثلما أشارت إليه ''الخبر'' في عدد سابق، وتم على إثرها توقيف رئيس مصلحة المالية ومساعدة له في انتظار انتهاء التحقيق، وأثر ذلك على تسديد مستحقات 12 ألف عون استعانت بهم الإستراتيجية، وهو ما أكده رئيس رابطة ''القلم'' عبد الكريم سليج في تصريح ل''الخبر'' حينما قال بأن 70 بالمائة من المعلومات التي قدمها الديوان للوزارة خاطئة و''مفبركة''، فعدد الدارسين في أقسام محو الأمية حاليا حسبه لا يتعدى 250 ألف، عكس ما صرح به الديوان مؤخرا حينما تحدث عن أكثر من مليون دارس، ما اعتبره تغليطا كبيرا للسلطات، الغرض منه تضخيم الأرقام ل''إيهامها'' بنجاح الإستراتيجية. واتهم التقرير مسؤولين سابقين وحاليين من الديوان صراحة بالتلاعب بالأموال الموجهة له، حيث تحدث عن خرق مفضوح للقوانين يتمثل في دفع رواتب بعض العمال قبل تسوية وضعيتهم الإدارية، وتقديم ميزانية المؤسسة للمصادقة قبل أن يصادق عليها مجلس التوجيه، بالإضافة إلى التعامل مع ممول واحد في كل المشتريات باختلاف أنواعها، ما جعل معدي التقرير يشددون على التعجيل بفتح تحقيق على هذا المستوى بالذات لوقف النزيف الذي تعاني منه ميزانية الديوان. الرئاسة تتحرك والمدير السابق يستدعى لمهام أخرى كان التأخر المفضوح في تسديد رواتب 12 ألف عون متعاقد وظفوا في إطار الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، وجاء على إثرها تحرك أعضاء من مجلس التوجيه على رأسهم ممثلين من رابطة ''اقرأ'' راسلوا رئاسة الجمهورية باعتبارهم أصحاب المشروع، حيث كانوا أول من أعلن عنه سنة 2000 قبل أن يتبناها رئيس الجمهورية أربع سنوات من بعد. وحسب رئيس الرابطة عبد الكريم سليج، فإن تنحية المدير العام السابق كانت بأمر من رئاسة الجمهورية لأن الأمر يتجاوز بكثير -حسبه- وزارة التربية ما دام الأمر يتعلق بقضية مصيرية، وتحد رفعه رئيس الجمهورية، وسخر له ميزانية 5 آلاف مليار سنتيم. وطعنت الرابطة في مراسلة وجهت إلى وزير التربية بتاريخ 06/05/2010 في مصداقية مجلس التوجيه، حينما طلبت من وزير التربية التدخل للإشراف على اجتماعات هذه الهيئة التي ''تخفي'' الحقائق المرتبطة بتسيير الإستراتيجية و''تحريف'' مداخلات ممثلي الجمعيات الموجودين في المجلس. وطالبت الرابطة بإعداد إستراتيجية جديدة لمحو الأمية وفق الشروط التقنية والمنهجية وربط العملية بمشاريع التنمية الصناعية والزراعية والخدماتية شرط أن تتكفل الجمعيات الناشطة في محو الأمية بمحو الأمية ''الجماهيري''. وشدد تقرير أعدته الرابطة تحوز ''الخبر'' على نسخة منه، بعقد مجلس وزاري يضم كل القطاعات المعنية بتنفيذ الإستراتيجية بهدف تقييم عملها واتخاذ الإجراءات اللازمة بالإضافة إلى الإسراع في إنشاء هيئة عليا لمحو الأمية مثلما نصت عليها الإستراتيجية. معالجة ملفات 8 آلاف عون والشروع في دفع مستحقات 4 آلاف المتبقين قال مصدر مسؤول في الديوان بأن التعليمات الصارمة التي وجهتها وزارة التربية للتعجيل في تسديد مستحقات 12 عون متعاقد في الإستراتيجية، أثمرت معالجة جميع الملفات الخاصة بالأعوان المعينين في المرحلة الأولى، ويتعلق الأمر ب8 آلاف عون، حيث تم الشروع فعليا في تسديد رواتبهم المتأخرة. وتتواصل العملية، بعد أن أمر المدير العام الجديد بالشروع في دراسة ملفات 4 آلاف عون المتبقين، وشملت العملية في مرحلة أولى ولايتين، حيث تم تجنيد إطارات من وزارة التربية ومن مفتشية التربية وكذا من ديوان محو الأمية على أن يتلقى جميع الأعوان مستحقاهم خلال الأيام القليلة المقبلة.