امرأة تخاف من العين كثيرًا ومن الحسد فتراها مضطربة على الدوام، فماذا يقال لها؟ العين والحسد حق والسحر حق، وينبغي على المؤمن أن يطهّر قلبه من الغلّ والحسد وبغض المؤمنين وأن يحبّ إخوانه وأن يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، قال صلّى الله عليه وسلّم ''لا يؤمن أحدكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه'' أخرجه البخاري ومسلم. وقد أرشدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى ما يدفع الشر إذا رأينا شيئًا فأعجبنا وخشينا أن نصيبه بالعين فقال ''إذا رأى أحدكم من أخيه أو من نفسه أو من ماله ما يعجبه فليدع به بالبركة، فإنّ العين حق'' رواه أحمد وابن ماجه، وذلك مثل أن يقول ''اللّهمّ بارك اللّهمّ بارك له فيه''، وفي المقابل إنّ ما يفعله بعض النّاس كحال هذه المرأة من ترك القيام بالواجبات وأداء الحقوق والتهاون في عبادة الله جلّ جلاله خوفًا من العين أو الحسد تصرف خطأ قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية خطيرة تجر أصحابها إلى السحرة والمشعوذين بحثًا عن حل للسحر أو دفع للعين اللذين ربّما لا وجود لهما فيهم. فالّذي ينبغي على المؤمن هو أن يتوكّل على الله حقّ التوكّل وأن يشكره على نعمائه وأن يستعين بهي في أموره كلّها وأن يُرقّي نفسه كما علّمنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأن يحصن نفسه بالأذكار الشّرعية والأدعية الثابتة عنه صلّى الله عليه وسلّم. قال جلّ جلاله ''وعلى الله فتوكّلوا إن كنتم مؤمنين} المائدة: 23، وفي الحديث الصحيح المتفق عليه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذكر أنّه يدخل الجنّة من أمّته سبعون ألفًا لا حساب عليه، ثمّ قال في وصفهم ''هم الذّين لا يتطيّرون ولا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربّهم يتوكّلون'' أخرجه البخاري ومسلم. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال ''لو أنّكم تتوكّلون على الله حقّ توكّله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا جياعًا وتروح بطانًا شباعًا'' أخرجه الترمذي وابن ماجه وهو حديث صحيح. قال ابن رجب في حقيقة التوكّل ''هو صدق اعتماد القلب على الله عزّ وجلّ في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة وكلة الأمور كلّها إليه وتحقيق الإيمان بأنّه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه''. وقال ابن القيم رحمه الله ''التوكّل نصف الدّين، والنّصف الثاني الإنابة، فإن الدِّين استعانة وعبادة، فالتوكّل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة''. وبعد التوكّل على الله حق التوكّل يمضي العبد في حاجته متّخذًا الأسباب المشروعة في ذلك، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ''قال رجل يا رسول الله أعقلها وأتوكّل أو أطلقها وأتوكّل؟ قال: أعقلها وتوكّل'' أخرجه الترمذي وهو حديث حسن. فالتوكّل إيمان بالقلب وعمل وسعي بالجوارح، ومن الأذكار والأدعية الثابتة قوله صلّى الله عليه وسلّم ''اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدّيْن وغلبة الرجال'' أخرجه البخاري ومسلم. وثبت أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يعوّذ سبطيه الحسن والحسين بقوله ''أَعيذُكم بكلمات الله التامة من كُلّ شيطان وهَامّة ومِن كلّ عين لاَمَّة'' أخرجه البخاري. كما تُشرَع قراءة سور مخصوصة وآيات مخصوصة وآية الكُرسي وسورة الإخلاص والمعوّذتين وأن يقول ''بسم الله أَرقيك مِن كلّ شيءٍ يُؤذِيك ومِن شرِّ كلّ نفسِ أو عينِ حاسدٍ الله يشفيك بسم الله أرقيك''. ''بسم الله الّذي لا يَضُرُّ مع اسمه شيء في الأرض ولا في السّماء وهو السّميع العليم'' ثلاث مرّات. وبسم الله (ثلاثًا) أعوذ بالله وقدرتِه من شرِّ ما أجِد وأحاذِر (سبع مرّات) و''أذهِب البأس ربَّ النّاس واشفِ أنت الشّافي لا شفاء إلاّ شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا''، و''أعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خَلَقَ''.