يعتبر المعرض الدولي للكتاب متنفسا حقيقيا للطلبة الجامعيين في مراحل التدرج المختلفة، بالنظر لما يقدمه من خيارات مختلفة في مختلف الاختصاص، خاصة الكتب المفقودة والتي لا تستقدمها المكتبات نظرا لغلائها، كما أن حقوق طبعها أو ترجمتها غالية جدا، ككتب الطب والهندسة والزراعة وغيرها. يشتكي أكثر من مليون و200 ألف طالب، منهم 120 ألف طالب في مرحلة التدرج و58 ألف في الدكتوراه، من نقص المراجع والكتب المتخصصة، لكن في أحيان كثيرة انعدامها، مما يجعل المعرض الدولي للكتاب فرصة حقيقية، ليس لشرائها بل لاقتناصها، بالنظر إلى أعدادها المحدودة. يقول ياسين طالب جامعي بباب الزوار ''أنتظر بشغف كبير كل سنة صالون الكتاب حتى أقتني الكتب التي أحتاج إليها في دراستي وبحوثي وفي أحيان كثيرة أطلب من بعض الأصدقاء جلبها لي من خارج الوطن''. نفس الإشكال يطرحه ''إبراهيم.ح'' طالب في الطب يقول ''من بين المراجع التي أسعى إلى اقتنائها قواميس الطب المفقودة والتي لا يمكن أن تجدها في المكتبات وإن وجدت، فإن أسعارها خيالية تصل حتى 30 ألف دينار''. ورغم غلاء أسعارها إلا أن الطلبة مضطرين لشرائها، مما يجعلها أول الكتب التي تنفد في الصالون. يقول طارق ''جئت للبحث عن كتاب عن الزراعة، فأنا مهندس زراعي، لكن قيل لي أنه نفذ، لقد أصبت بخيبة أمل كبيرة''. طلبة الطب ورحلة البحث عن الكتاب الطبي يعترف فيصل بوطالبي مدير المكتبة العلمية الطبية ''الرشد'' القادمة من قسنطينة ومن المواظبين على حضور الصالون، حيث تشارك بحوالي 500 عنوان، بأن ''أسعار الكتاب العلمي غالية، تتراوح بين 2000 دج إلى 12 ألف دينار وهو كتاب عن جراحة الأسنان''، لكن هذا كما يضيف ''ليس مقتصرا على الجزائر، بل على كل الدول، والأطباء والطلبة يعرفون ذلك''، ليضيف نحن نتفاوض بشراسة مع دور النشر الأصلية في فرنسا من أجل تخفيض سعر الكتب وشرائها من هنا بما يتناسب والقدرة الشرائية للطالب في الجزائر، كما ''نقدم في المعرض تخفيضات تصل إلى 50 بالمائة في بعض العناوين''. ومن بين الكتب المطلوبة، المعجم الطبي ''دروز''، الذي بلغت طبعته ال 29 ويبلغ سعره 5000 دج و75 أورو في فرنسا، بالإضافة إلى المعجم الصيدلي المفقود كثيرا وكتاب الطب'' فيدال''، كما يبحث طلبة الطب كثيرا عن المعجم الطبي ''الفرنسي - العربي'' وهو غير موجود حاليا في السوق وفي انتظار وجوده يقول فيصل طالبي ''نحن نسعى للصمود في السوق رغم أن مجالنا صعب ومعقد، كما نحلم بصناعة الكتاب الطبي وطبعه في الجزائر وهذا أمر يبقى نوعا ما بعيد''. الكتاب المتخصص هاجس الجزائريين ليس فقط طالب الطب من يتوه في موجة البحث عن الكتب المتخصصة، خاصة المعاجم المتخصصة، لكن هناك اختصاصات أخرى، تبقى مجهولة في عالم النشر في الجزائر، منها التقنية، الزراعة، الهندسة، الرياضيات وغيرها وطلبتها في بحث جنوني عن هذه الكتب. ويعد معرض الكتاب الفرصة الثمينة بالنسبة إليهم للفوز بكتاب في اختصاصهم، يقول علي باي عبد الرحمان، ممثل دار النشر الفرنسية ''ايرول'' العريقة في الكتاب التقني العلمي المتخصص والتابعة إلى مجموعة ''سوديس جيوداف''، بأن الجزائريين متعطشين للكتاب خاصة الطلبة والأساتذة وهذه الكتب مهمة في العمل والمهن والدراسة لكنها غير موجودة في المكتبات، خاصة المتخصصة كالهندسة، المعلوماتية، إدارة المؤسسات وغيرها، حيث أحضرت الدار 1000 عنوان بمعدل 10 نسخ للواحد وهناك 100 نسخة لبعض العناوين المهمة، ليشير إلى أنه في يومين باع جناحه 50 بالمائة من الكتب التي أحضرها رغم غلاء أسعارها الباهضة، التي يتراوح ثمنها من 1000 دج إلى 14 ألف دج وهو أغلى كتاب ''هندسة الجسور''، لكن ما يلاحظ بالنسبة للمتحدث، فإن الأمر لا يتعلق بالطلبة، بل حتى المؤسسات والجامعات والإدارات وبعض الشركات المتخصصة تشتري وتطلب هذه الكتب ولذلك يقول ''احتفظت الدار بقسم منها قبل النفاذ لهذه الجهات''. المعجم الصديق الدائم للطلبة من بين الكتب التي يلاحظ الاكتظاظ عليها، تسجل المعاجم بكل أحجامها وتخصصاتها ولغاتها أيضا أعلى رقم مبيعات وهذا ما يؤكده المسؤول عن البيع في دار ''لاروس''، رغم أن الأسعار مرتفعة مقارنة مع العام الماضي، إذ بلغ سعر ''لاروس 3 ,''2010 آلاف دينار، فيما لم يتعدى العام الماضي 2400 دج. كما أن الموسوعة العامة أو تلك المتخصصة، ارتفع ثمنها، أما المعاجم المتخصصة فهي أغلى سعر، خاصة منها معاجم اللّغات التي لاحظ أنها ازداد عليها الطلب خاصة ''فرنسي إسباني'' أو ''فرنسي إيطالي''. نفس الملاحظة ينقلها لنا ''إدريس. ب'' المسؤول عن الكتب المتخصصة في دار ''أشات للعلوم''، يقول أن معجم اللغات هو أكثرها طلبا، بالإضافة إلى الموسوعات العلمية والمتخصصة وأغلى الكتب سعرا هو كتاب الهندسة المعمارية الذي بلغ 8500 دج. ورغم الانتظار الطويل للطلبة، فإن ما يلاحظ على الصالون هو نقص عدد دور النشر المتخصصة في الكتاب العلمي والتقني والطبي، إذ لا تتعدى اثنين أو ثلاث، مما يضطر الطلبة إلى الحضور في الأيام الأولى، من أجل الظفر بالكتاب المطلوب، خاصة وأن النسخ محدودة وإذا علمنا أن هناك من يحضر حتى من خارج العاصمة، مثل الطالب فيصل ومحمد من تبسة وعبد الرحمان من وهران وغيرهم، فإن الأمر يتطلب التفكير الجدي في تخصيص معرض للكتاب العلمي المتخصص، أو التفكير في دعوة أكبر عدد من دور النشر المتخصصة في الكتاب العلمي إلى المعرض، خاصة الأجنبية منها، حتى يتوقف الطلبة عن ملاحقة المراجع التي تعد أساس بحوثهم ودراساتهم العلمية.