عشاق الكتاب لا ينفذون... إنها الحقيقة التي وقفنا عليها ونحن نجول في العديد من المكتبات في قلب العاصمة، حيث كان كل جناح مكتنزا بالكتب التي تستوقف حتما محتاجيها من الجنسين، وربما كان السبب اكتشاف هؤلاء لماهية الكتاب والمتمثلة في كونه غذاء الروح، علاوة على أهميته الكبيرة في حياة الإنسان كونه أصدق رفيق في معظم أوقات الحياة والمؤنس له في الوحشة والكربة والوحدة، وقد حافظ الكتاب على مكانته رغم حرب المعلوماتية التي يقودها الكمبيوتر، والملاحظ هنا أن الجديد في عالم الكتاب لم ينقطع يوما حيث ظهرت العشرات من العناوين التي تتماشى مع مواضيع الساعة. ولا يختلف اثنان على أن أكثر قراء الكتب النهمين مثقفون ويصلون إلى درجات عالية في العلم وأيضا الارتقاء في العمل، وهذا كله لأنهم يمتلكون ثقافة جعلتهم يرتقون إلى أفضل المراتب فتكون لغتهم سليمة، عقلهم مليء بالمعلومات الغزيرة التي يستفيدون منها في تحدي الآخرين والخوض في تجارب عديدة إما علمية أوثقافية، علاوة على الثقافة الكبيرة والمعلومات الجيدة والوفيرة، ولم تبخل المكتبات في توفير هذه الخاصية من خلال عرض أعداد معتبرة من العناوين في كل المجالات، على غرار "التسويق، السينما، البستنة، الصحة والجمال، الحدائق والنباتات، القواميس بمختلف أنواعها، كتب الرسم، العلوم الإنسانية، الحقوق والتصوير الفوتوغرافي، الطبخ الجزائري والعالمي"، إلى جانب دخول أنواع مختلفة من كتب الطبخ المغربي بعد النجاح الكبير الذي حققته شميشة أشرقي. ففي المجال السياسي مثلا نجد كتبا خاصة تحليلية للسياسة الأمريكية وإستراتيجية الرئيس الأمريكي باراك اوباما على غرار كتاب "اوباما الحلم الأمريكي الجديد" وكتاب "على خطى اوباما"، كتب ومجلدات التصوف أيضا موجودة بقوة ومنها "مجلد التصوف الإرث المشترك" والذي طبع بمناسبة مئوية الطريقة الصوفية العلوية، التاريخ الجزائري ورجاله حاضرون أيضا وبقوة في الرفوف وبين الأجنحة بعناوين مختلفة، وهو الأمر الذي يعكس وجود عناوين جديدة لتلبية النهم الفكري للقارئ حيث أكد لنا السيد "عبد الرحمان علي باي" صاحب مكتبة العالم الثالث بالأمير عبد القادر أن الجديد متوفر في كل الميادين والاختصاصات، على غرار كتب التحاليل السياسية، الأدب، التسيير المالي، العلوم التقنية، الهندسة، البناء، الرسم، العلوم، والعلوم الإنسانية، مشيرا أن كل الإصدارات المحلية متوفرة علاوة على الكتب المستوردة من الخارج إلا أن المشكل الحقيقي الذي يعترض الطلبة والأساتذة وعشاق الكتاب هو سعره المرتفع جدا خاصة المتعلق بالطب، مشيرا أن أغلب الكتب الباهظة الثمن تقتنيها كبرى المؤسسات على غرار الجامعات ومؤسسات البحث وغيرها. وأشار السيد علي باي إلى أن مكتبته تسعى دوما لتوفير الكتاب وتقديم الجديد بين يدي القارئ الجزائري حتى يكون على اطلاع شامل ودائم بجديد الكتاب العالمي والعربي أيضا، قائلا: "صراحة أود عرض الكتاب فور خروجه من المطابع ودور النشر". وأشارت سيدة كانت تجر ابنها صاحب السبع سنوات بين رفوف الكتب المخصصة للأطفال في مختلف المواد الأدائية واللغوية والتي تتماشى مع الكتب المدرسية، أنها غالبا ما تعتمد على هذه الكتب للتحصيل اللغوي والدراسي لأبنائها، تقول: "عند الدخول المدرسي أقصد المكتبات لاقتناء تشكيلة مساعدة من الكتب خاصة في الطور الابتدائي فهي مقوية للأبناء ومساعدة للآباء خصوصا أنها تحترم السن فهناك كتب خاصة بالحساب تبدأ من سن ست سنوات إلى سبعة وهي كتب مدروسة من إعداد أخصائيين وهذا الأمر يؤثر إيجابا في المسار الدراسي للطفل". من جهتها، السيدة (مريم.ك) أستاذة جامعية وجدناها بمكتبة أودان، أكدت على أهمية الكتاب بوصفه الوسيلة الأولى التي استخدمها الإنسان للتثقيف والتعليم في العالم، مشيرة انه سيظل أيضاً شاهداً على حضاراتنا الإنسانية فلولا وجوده ما كان هناك علم أوتراكم معرفي يؤدي بالتالي إلى التطور والرقي الحضاري، وما كانت هناك اختراعات وإبداعات علمية وفكرية، وهو الأمر الذي يقودها دوما للبحث عن الجديد في عالم الكتاب الشاسع جدا". أما لامية طالبة جامعية اختصاص صيدلة فترى أن الكتاب من أهم أدوات المعرفة ونشر الثقافة والحكمة والحفاظ على الفكر الإنساني من أن يضيع عبر الحقب والأجيال، كما انه يمنح الطالب والباحث كما معرفيا يساعده في مساره المهني، تقول: "الكتاب يحمل في طياته الكثير من الأسرار والخبايا إلا أن الأمر الذي يزعجني هو عدم حصولي دوما على الكتب التي تخدم اختصاصي في الصيدلة، وإذا وجدتها تكون أسعارها باهظة جدا وتحول دون اقتنائها". والجدير بالذكر أن عشاق الكتاب ينتظرون بشغف موعد فعاليات صالون الكتاب الدولي الرابع عشر، المزمع تنظيمه من 27 أكتوبر إلى 6 من نوفمبر بالقاعة البيضوية.