أشارت نقابة الصيادلة الخواص إلى ضغوطات كبيرة تتعرض لها الحكومة للتراجع عن قرار التموين المباشر بالدواء، حيث يقوم موزعون كبار، يحتكرون السوق حاليا، بتقييد ''حاد'' لبيع أنواع من الأدوية المطلوبة، ما نتج عنه ندرة كبيرة سجلت مؤخرا بسبب رفض الصيادلة الرضوخ ل''ممارسات غير قانونية''، الهدف من ورائها إرغام الوزارة على إلغاء القرار. كشف رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، مسعود بلعمبري، في تصريح ل''الخبر''، عن ندرة حادة سجلت مؤخرا في عدد من الأدوية المطلوبة، على رأسها تلك المضادة للالتهاب. وحذر من ممارسات ''غير أخلاقية وغير قانونية'' تم تسجيلها مباشرة بعد تعليمة الوزير الأول التي تلزم المنتجين بتوزيع الدواء على الصيادلة مباشرة دون المرور على وسطاء بهدف القضاء على الندرة. وجاءت تهديدات وزير الصحة الأخيرة، التي توعد فيها باتخاذ إجراءات صارمة ضد كل منتج يرفض تطبيق تعليمة الحكومة، وإعلانه عن تنصيب خلية على مستوى مديرية الصيدلة لدراسة ووضع الآليات الكفيلة بتطبيق القرار، تبعا لانتقادات وجهها الاتحاد الوطني لمتعاملي الصناعة الصيدلانية، ومعارضته صراحة القيام بعملية التوزيع، ما جعل المسؤول الأول عن القطاع يؤجل تطبيق القرار إلى غاية جوان 2011، حيث أمر مصالحه بالتنسيق مع مختلف متعاملي سوق الدواء للتوصل إلى حلول تساعد على انطلاق العملية، مشددا على أنه لن يتم التراجع عن قرار يدخل في إطار سلسلة إجراءات تهدف إلى حماية الصناعة المحلية، بعد تقارير وتحقيقات ميدانية كشفت عن ممارسات ''غير أخلاقية'' يقف وراءها ''بارونات'' التوزيع. وفي هذا الإطار، أكد رئيس نقابة ''السنابو'' عدم وجود أية نية في التراجع عن القرار، عكس ما روجت له بعض الأطراف مؤخرا، ما يفسر الضغط الشديد، يضيف محدثنا، الذي تتعرض له وزارة الصحة للعدول عن القرار، من قبل موزعين كبار يحتكرون سوق الدواء، بعد أن تحولت مهنة التوزيع إلى مصدر رزق لكل من هب ودب، حسب ما قال بلعمبري. والأخطر من ذلك، أن الوزارة، التي أحصت حوالي 560 موزع عبر التراب الوطني، متيقنة بأن عشرة موزعين فقط يسيطرون على سوق الدواء. وهؤلاء، حسب رئيس نقابة الصيادلة الخواص، يتواطأون مع مصنعين محليين لا يهمهم سوى التخلص من ''بضاعتهم''، حيث يتلقون تسبيقات مالية مقابل بيع منتجاتهم الصيدلانية لموزع كبير، يقوم بتخزينها ومساومة الصيادلة من خلال فرض قوائم مقيدة غالبا ما يرفضونها. وحسب بلعمبري فإن هؤلاء المصنعين هم أنفسهم الذين يرفضون تعليمة الوزير الأول ما داموا قد ضمنوا زبائنهم، ما جعله يحذر وزارة الصحة من هذه الممارسات ''غير الأخلاقية وغير القانونية''، لأن أول ضحاياها هم الصيادلة والمرضى، فالفئة الأولى خاصة تلك التي تنشط في المناطق المعزولة غير مرغوب فيها من قبل الموزعين الكبار الذين يتجاوز رقم أعمالهم 20 مليار دينار، لأن هؤلاء يتعاملون مع صيدليات كبيرة قد ترفع رقم أعمالهم ب80 بالمائة. فيما يدفع المرضى ثمن هذه ''التجاوزات'' المفضوحة من خلال ندرة تطال الأدوية الحساسة والمطلوبة.