أثارت التعليمة التي أصدرها مؤخرا، الوزير الأول، أحمد أويحيى، والمتعلقة بمنع مؤسسات توزيع الأدوية المنتجة محليا، من ممارسة نشاطها إلا في حالة استحداثها لشبكات توزيع خاصة بها مع إلزامها بتوزيع منتجاتها مباشرة للصيادلة الخواص، موجة جدل وغليان حاد وسط الفاعلين في سوق الأدوية، بحجة تأثير نصوص الإجراءات والتدابير التنظيمية الجديدة على حجم الأرباح المحققة من طرف المنتجين. واعتبرت العديد من المؤسسات المنتجة للأدوية، أن لجوء الحكومة إلى تشديد القبضة على المتعاملين في سوق الدواء من خلال التعليمات الأخيرة - والتي تتعلق بفحوى القرار رقم 166 المعتمد من قبل وزارة التجارة شهر أوت المنصرم- ، سيخنق فضاءات التعامل المرتبطة بصرف المنتوج الوطني من الدواء ويقلصها، مما يجعل المنتجين في دائرة معزولة وأمام أعباء وتكاليف مضاعفة، وهو الأمر الذي يستدعي إعادة النظر حسبهم في مضمون السياسة المتبناة لإدارة ملف إنتاج الأدوية محليا وأساليب تسويقها. ويأتي ذلك على أساس أن قرار منع موزعي الجملة من ممارسة نشاطهم لا يراعي مصالحهم، بل يخدم في الدرجة الأولى، الصيدليات التي ستمنح لها الفرصة للتعامل المباشر مع المنتجين مما يفضي إلى استفادتها من تخفيضات مباشرة. وسيسمح الإجراء الجديد، القاضي بتوزيع الأدوية مباشرة من المنتج إلى الصيدلي، بتحقيق استقرار في سوق الدواء مع مواجهة ظاهرة البيع فالمغلقف المعتمد من طرف بعض المنتجين، الذين يمارسون ضغطا على الصيادلة وذلك عن طريق ضبط عملية تزويد هذه الأخيرة بالأدوية وفق ما تنص عليه التدابير التنظيمية والتي ستغطي من جهتها الثغرات القانونية المستعملة من طرف مؤسسات إنتاج الأدوية لإرغام الصيادلة على قبول كميات معينة من المنتوج الصيدلاني مقابل التزويد المستمر. كما سيصد القرار الحكومي، الباب في وجه موزعي الأدوية الذين ارتكبوا العديد من التجاوزات بدليل مخالفتهم للأعراف المتفق عليها لتسويق المنتجات الصيدلانية، حيث عمد بعضهم إلى اقتناء كميات معتبرة من الأدوية المنتجة محليا قصد تخزينها وترويج المنتجات المستوردة، وهو الأمر المخالف لسياسة الدولة المعتمدة لتشجيع الإنتاج الوطني وبلوغ مرحلة الاكتفاء في مجال تصنيع الأدوية، وهو ما يعني أن الحكومة عمدت إلى وضع إطار قانوني لتوزيع الأدوية انطلاقا من خلفيات متعددة، أبرزها القضاء على النشاط العشوائي القائم في هذا المجال ومحاربة الندرة في الدواء بعد أن أصبحت من أولى المؤشرات السلبية التي يستند عليها الخبراء لتقييم وضع الصحة بالجزائر، إلى جانب التسويق الأمثل للمنتوج الوطني الذي يواجه منافسة واحتكارا غير قانونيين من قبل المنتجات المستوردة.