تشهد مدينة باتنة، منذ سنوات طويلة، مضاربة كبيرة في مجال العقار السكني، الأمر الذي ساهم بشكل واسع في انتشار المباني الفوضوية عبر مختلف أحياء المدينة، في ظل أزمة السكن الخانقة التي تدفع بالمواطنين إلى شراء أراضٍ من أصحابها، لتحول بين عشية وضحاها إلى مشاريع سكنية وأحياء جديدة، في غياب مصالح المراقبة العمرانية. تتأكد هذه الوضعية المثيرة من خلال المعطيات التي جمعها عدد من الوكلاء العقاريين الذين يباشرون عمليات البيع والشراء والمبادلة، حيث تبين بأن مدينة باتنة مصنفة ضمن أعلى المدن في مجال العقار السكني، وهي تضاهي العاصمة ووهران، بالنظر إلى قيمة المساكن الشعبية أو الفيلات الخاصة والتي تقدر قيمتها بالملايير، والواقعة في مختلف الأحياء الشعبية القديمة منها، أو تلك التي ظهرت في السنوات الأخيرة بحي كشيدة. كما تحولت عشرات الهكتارات من الأراضي الزراعية الواقعة شرق حي لمباركية إلى أحياء سكنية شعبية، بعد أن بيعت بمبالغ كبيرة بطريقة عرفية. وقد كشف رئيس المكتب الولائي لفيدرالية الوكالات العقارية في باتنة عن تحرير ما يزيد على 10 آلاف عقد عرفي كل سنة عبر الوكلاء العقاريين العاملين بصفة قانونية، وعبر السماسرة الذين يعدون بالمئات، ما يؤكد حجم الأموال الضخمة التي تجوب سوق العقار بمدينة جل مساكنها لا تتوفر على عقود الملكية العقارية أو الدفاتر العقارية، ما ساعد الكثير من المضاربين والأثرياء على تبيض أموالهم أو ادخارها في شراء عقارات بالملايير في عمليات تعد مربحة أكثر من أي مجال استثماري آخر. ونتيجة لتهافت المواطنين وحاجتهم إلى مساكن وأراضٍ للبناء، فإن منهم من وقع ضحية لمزورين ومحتالين، بعد عمليات بيع لعقارات لأكثر من شخص، أو أنها محل نزاعات قضائية بين الورثة، فالمئات من النزاعات لاتزال مطروحة أمام المحكمة لسنوات طويلة.