ترتفع حدة التعاطف إزاء اليهود وتصبح لحظة تراجيدية في فيلم المخرج الأمريكي كينت هاريسون ''القلب الشجاع لإيرينا سندلر''، كونه يصور وقائع فظيعة عن غيتو مدينة وارسو في بولونيا سنة 1491. يتوقف الفيلم المقتبس عن رواية آنا مايزكوفسكا، عند الدور الشجاع الذي لعبته الموظفة البولونية إيرينا سندلر (تمثيل آنا باكين)، التي أقدمت على إخراج ألفين وخمسمائة طفل يهودي من الغيتو، ووضعتهم لدى عائلات مسيحية بولونية، فخلصتهم من الموت في غرف الغاز، وساهمت في إنقاذ الشعب اليهودي. بعد الانتهاء من مشاهدة الفيلم، والتخلص من التأثير الذي مارسته قصته المأسوية، سرعان ما يدرك المشاهد أن الأطفال الذين خلصتهم سندلر سينقلون لاحقا إلى فلسطين، ليشكلوا النواة الأولى لدولة إسرائيل. ويندرج الفيلم ضمن مئات الأفلام التي تناولت مأساة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، وقدمته في صورة شعب ضعيف، لا يقوى على الشر، بعد أن عانى من ويلات النازية التي ألصقت به تسمية ''سرطان الأمة''. ولئن كثرت هذه الأفلام في السنوات الأخيرة، بعد نجاح فيلم ''قائمة شيندلر'' لستيفن سبيلبرغ، ثم فيلم كونتان ترانتينو ''الأوغاد''، فإن الغرض منها هو إبراز الحماقة الهتلرية، وفضح النوايا المفضوحة للديكتاتوريات المجنونة القائمة على النقاء العرقي. كما تسعى الآلة الهوليودية إلى إبراز مأساة اليهود وإظهارهم في صورة شعب ضعيف مسكين، لا يقوى على فعل الشر، بل إنه الخير مجسدا على الشاشة التي تصور أطوار وقائع تراجيديا، تجعل المشاهد يخرج باستنتاج راسخ، وهو أن اليهود شعب ضحية يستحق التعاطف. لكن الأمر لا يتعدى كونه حيلة سينمائية، تستعمل المأساة التاريخية لخدمة أهداف آنية، مرتبطة بالوجود الإسرائيلي اليوم، فاليهودي المسكين في عهد النازية يبقى مسكينا حتى وهو على أرض مغتصبة.