حظي سكان مدينة تمنراست في ثالث سهرة من المهرجان الدولي لفنون الأهفار في طبعته الثانية، بباقة غنائية متنوعة وراقية، موقعة بصوت فرقة ''الفردة''، والثنائي المالي الذهبي ''أمادو ومريام''. مازال الجمهور العاشق للفن الأصيل، يقبل بكثافة على فعاليات المهرجان الدولي لفنون الأهفار، حيث لمسنا إقبالا كبيرا له في الليلة الثالثة على التوالي، متخذا مكانا له في أرجاء ساحة أول نوفمبر منذ الساعة الرابعة مساء، أين كانت الفرق المبرمجة للسهرة تتدرب على مقاطعها الغنائية، وتجرب ميزان الصوت. تعد زيارة ''الفردة'' إلى عاصمة الأهفار الأولى من نوعها، فقد سبقت سمعة الفرقة الطيبة عناصرها السبعة، واستعد الجميع للإصغاء على المباشر إلى أداء يميز منطقة القنادسة ببشار، وطيلة ساعة إلا ربع بقي الحضور منتبها ومشدودا إلى المنصة، متابعا حوار العربي بسطام لعوده، وحسين زايدي لآلة ''البانجو''، فيما تكفل الآخرون بالعزف على الكمان والآلة الوترية رباعية الحبال المسماة ''سويسيتي''. وكلف أحد أعضاء الفرقة من بالضرب على ''الجانبي''، و''التعريجة'' والتي هي عبارة عن دربوكة صغيرة جدا، تحمل في نفس الوقت مع الجانبي كبير الحجم، تسمح لضابط الإيقاع بالتلاعب بمستوى الصوت من منخفض إلى مرتفع. واكتشف الترفيون وقع ''المهراز''، واهتزوا مع ''الفردة'' تلك الآلة العريقة التي أدخلت الكل في حضرة لا متناهية، وانسجموا مع روح القصائد التراثية التي ترجمتها حناجر أعضاء ''الفردة''، فغنوا أشهرها منها ''الشيخ بن بوزيان''، و''يا كريم الكرامة'' وغيرها من النصوص الحاملة للتأمل في الحياة والموت، وحب الله ورسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم). وبعد عرض فرقة ''موج'' المالية، فتح المجال للثنائي ''أمادو ومريام''، زوجان من الطراز الرفيع، منتعشان بالحياة ومحبان للألوان البراقة، والألحان العذبة، رغم فقدانهما البصر، أهديا جمهورهما الجزائري، فسحة في بستان إبداعهما الفني. فكانت البداية بأغنية ''مرحبا بكم في المالي''. وعرف أمادو محاورة وإضحاك الجماهير، وكأنه يرى تحمسهم الشديد لأغانيه، فأدى رفقة مريام أغنية ''باتوما''.. ''هي امرأة من المالي تحب الحياة والأعراس، ولا تفوت أي فرصة للحضور من أجل الرقص والغناء، حتى إنها تنسى أطفالها''، يشرح أمادو لجمهوره. ثم ''أفريكا'' حيث الحب والسعادة والشباب، لخص الفنان وزوجته العمال الماليين ب''كولو بالي ماسيسي''. ليقدما في الختام عربون محبة للجزائريين، فكان أغنيتهم الشهيرة ''الأحد في باماكو''. من جهتها، بعثت فرقة ''ديبلو ديبلا'' النشاط والحيوية في صفوف الساهرين، بصوت ديبلو صاحب الأصابع الذهبية، والعازف الماهر على آلة الفيثارة الكهربائية، فأرقص الجميع على ميزان ''التشا تشا تشا'' الخفيف والسريع، داعيا إياهم إلى الفرح والانبساط.