الاحترام بين الزوجين مهم جدًّا لزيادة المحبّة الزّوجية وتوثيق العرى بين الزّوجين، وإلاّ لتحطّمت الأسرة وأصبح الزّوجان وكأنّهما عدوَّان في البيت الواحد، يترصّد كلّ واحد منهما للآخر، بسبب عدم وجود الاحترام فيما بينهما، وهنا، تفقد العلاقة الزّوجية جوّها وودّها وولاءها، ويتمنّى كلّ من الزّوجين الفراق قبل كلّ شيء. وإنّ من احترام الرّجل لزوجته أن يستمع إليها إذا تكلّمت ولا يقاطعها بالكلام، وأن يستشيرها ويأخذ برأيها إن كان صوابًا، وأن لا يُعطّل أوامرها المنزلية، أو يهمل كلمتها أمام أولادها. ومن احترام المرأة لزوجها أن تناديه بأحبّ الأسماء لديه، وتُقدّر رجولته، وأن تمتدحه أمام أهله، ولا تستهزئ به أمام أولاده أو تطعن به. وإنّ سيّدنا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يُعلّمنا مبدأ الاحترام وتقدير المشاعر الزّوجية من خلال موقفه مع السيدة صفيّة بنت حُيَيْ، رضي الله عنها، حيث قال لها: ''لم يزل أبوك من أشدّ اليهود لي عداوة حتّى قتله الله''، فقالت: ''يا رسول الله، ولا تزر وازرة وزر أخرى''. وهنا، لم يذكر النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، أباها بشرّ أبدًا حتّى توفاه الله، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على الاحترام وتقدير المشاعر، وأن العلاقة الزّوجية ليست بالقهر والأمر والنّهي، وإنّما هي تعاون ومودة ورحمة. بل إنّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، بلغ من درجة احترامه لزوجاته أنّه كان يودّعهنّ إلى الباب إذا أردن الخروج، وقد حصل ذلك مع صفيّة رضي الله عنها. فعن صفيّة، رضي الله عنها، أنّها جاءت رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، تزوره في اعتكافه في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثمّ قامت تنقلب، فقام النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، معها يقلّبها، وفي رواية ''كان النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، في المسجد وعنده أزواجه فَرُحْنَ، فقال لصفيّة بنت حُيَيْ: لا تعجلي حتّى أنصرف معك. وكان بيتها في دار أسامة. فخرج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم معها''، رواه البخاري.