مجموعة من الشباب يريدون فتح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم وتلقين بعض علومه، فهل من نصائح توجّهها لهم؟ لقد شرّف الله عزّ وجلّ أمّة محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، بالقرآن، آخر كتاب أنزل على آخر نبي أُرسل. والقرآن كلام الله تعالى معجزة لا تفنى ولا تبيد، قال تعالى: {إنّا نحنُ نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون}، الحجر .9 فيه أوامر يجب إتيانها ونواهي يجب الانتهاء عنها، بيّن الله فيه الحدود والأحكام والأخبار والقصص وكثيرًا من مسائل الاعتقاد، مَن آمَنَ به وصدّق بما فيه وعمل به، أفلح ونجا، ومَن أنكَر شيئًا منه أو استهزأ بحكم ثابت فيه، هلك وضلّ. قال تعالى: {ومَن أعرَض عن ذِكري فإنّ له معيشة ضَنْكًا ونحشُره يوم القيامة أعمى، قال ربِّ لمَ حشرتني أعمى وقد كُنت بصيرًا، قال كذلك أتَتْك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسَى}، طه 124 .126 والقرآن هو مصدر من مصادر التّشريع الإسلامي، مع سُنّة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم. وأمر مفرح ويدعو إلى التفاؤل والاطمئنان أن يُفكّر شبابنا بمثل هذه الطريقة. وقد ورد في فضل الاشتغال بالقرآن، تلاوة وحفظًا وتدبُّرًا وعملاً وتعليمًا ومراجعة وتفسيرًا، وكذا الاشتغال بعلومه الخادمة له أدلة كثيرة ومبشّرة ومحفّزة على المسارعة إليه والتّسابق عليه. فعن أبي أمامة الباهلي قال: سمعتُ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يقول: ''اقرؤوا القرآن فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه''، أخرجه مسلم. وعن سالم عن أبيه عن النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''لا حسد إلاّ في اثنين: رجل أتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء اللّيل وآناء النّهار، ورجل أتاه الله مالاً فهو يُنفقه آناء اللّيل وآناء النّهار''، أخرجه البخاري ومسلم. وعن أنس، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: ''إنّ لله أهلين من النّاس، فقيل من أهل الله منهم؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصّته''، أخرجه أحمد وابن ماجه وغيرهما وهو حديث صحيح. وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: ''يا ربّ حله، فيلبس تاج الكرامة، ثمّ يقول: يا ربّ زدهُ، فيلبس حلّة الكرامة، ثمّ يقول: يا ربّ أرض عنه، فيرضى عنه. فيُقال له: اقرأ وارق وتزاد بكلّ آية حسنة''، رواه الترمذي وحسّنه وغيره. وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: ''وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلاّ نزلت عليهم السّكينة وغشيتهم الرّحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمَن عنده''، أخرجه مسلم. وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''الماهر بالقرآن مع السّفرة الكِرام البررة، والّذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران''، أخرجه البخاري ومسلم. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن قرأ حرفًا من كتاب الله فلهُ به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول {ألم} حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف''، أخرجه الترمذي وغيره وهو صحيح. وبعد قراءة هذه الأحاديث، يتبيّن فضل تلاوة القرآن وحفظه ومدارسته، وعلى شبابنا أن يشغلوا أوقاتهم بذلك، ومن المعلوم أنّ الوقت إن لم تشغله بما ينفع، شغلته فيما لا ينفع. نسأل الله أن يوفّق هؤلاء الشباب، وندعو الجميع من أجل السداد والإخلاص. وفتح المدارس القرآنية يخضع لقانون خاص بالتّعليم القرآني، ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف قائمة به، والزوايا السّاهر أصحابها على تعليمه قائمة به أيضًا، والرّاغبون في فتح مزيد من المدارس والزوايا عليهم أن يتوجّهوا إلى مديريات الشؤون الدينية والأوقاف بالولايات أو مصالح التّعليم القرآني بالوزارة المذكورة من أجل الاسترشاد إلى الطرق القانونية لذلك.