كان سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفي بعهده، ولم يُعرَف عنه في حياته أنّه نقض عهدًا قطعه على نفسه. ويلتزم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الوفاء مع المخالفين حتّى وهو يتعامل مع أتباعه والمستجيبين له، فلا يقبل منهم أن يخلّ بعهد التزم به، عن أبي رافع قال: بعثتني قريش إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا رأيتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ألقي في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله، إنّي والله لا أرجع إليهم أبدًا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''إنّي لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد، ولكن ارجع، فإن كان في نفسك الّذي في نفسك الآن فارجع''، قال: فذهبتُ ثم أتيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأسلمتُ'' أخرجه أحمد. ودلائل وفاء سيّدنا محمدّ صلّى الله عليه وسلّم بالعهود لا تنتهي عند المواقف والأحداث الّتي كان يفي فيها بما التزمه، بل قد شهِد له أعداؤه بأنّه يفي بالعهود ولا يغدر، فحين لقي هرقل أبا سفيان -وكان أبو سفيان لا يزال على عداوته لمحمّد صلّى الله عليه وسلّم- سأل هرقل أبا سفيان عن محمّد صلّى الله عليه وسلّم عددًا من الأسئلة، كان ممّا سأله فيه قوله: فهل يغدر؟ قال أبو سفيان: قلتُ لا، ونحن منه في مدّة لا ندري ما هو فاعل فيها، قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئًا غير هذه، أي لم أتمكّن من كلمة تعطيه صورة سيّئة عن محمّد صلّى الله عليه وسلّم غير هذه الكلمة.