أوروبا ستصبح جارة للجزائر إذا سقط نظام القذافي يرى الخبير الاستراتيجي حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والبحوث حول الوطن العربي ودول المتوسط، ومقره جنيف، أن ''الدبلوماسية الجزائرية تأخرت في التعاطي مع الشأن الليبي، لكن المجلس الوطني الانتقالي أخطأ كثيرا عندما تسرّع في اتهام الجزائر''، مبديا تخوّفه من ''تحوّل المجلس الانتقالي إلى أداة في أيدي قوى ودول كبرى تستهدف الجزائر''. قال الدكتور حسني عبيدي، في اتصال مع ''الخبر'' من جنيف، إن ديناميكية اجتماع مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا المنعقد، أمس، في الدوحة بعد اجتماع لندن، شهر مارس الماضي، غطت على أهمية محطة الجزائر التي توقف عندها الوفد الإفريقي. وبالنسبة لعبيدي فإن ''الاتحاد الإفريقي ارتكب أخطاء تسببت في التقليل من أهمية ما يقوم به وبالتالي التقليل من أهمية محطة الجزائر''. هذه الأخطاء، حسب المتحدث، هي ''تأخر الاتحاد الإفريقي في التعاطي مع الأزمة الليبية حتى وصلت القضية إلى الأممالمتحدة فأخذت زمام المبادرة''، وهو ما جرّ الأمور إلى خطأ آخر وهو ''افتقاد الاتحاد الإفريقي للمصداقية لدى الثوار والمجلس الانتقالي''. وسألت ''الخبر'' حسني عبيدي عن السبب الذي دعا المعارضة لاستقبال الوفد الإفريقي مادامت لا تثق فيه، فأجاب أن ''المجلس الانتقالي في ليبيا لا يريد أن يظهر بمظهر دعاة الحرب، رغم أنه غير مقتنع بالوفد الإفريقي كوسيط ولا بمضمون مبادرته الضعيفة مقارنة بالمبادرة التركية''. ويرى المحلل السياسي المقيم بجنيف أن ''المجلس الانتقالي أصبح اليوم رقما مهما في معادلة حل الأزمة الليبية، لكنه ارتكب أخطاء كثيرة نتيجة افتقاد أعضائه للخبرة الدبلوماسية، وأكبر هذه الأخطاء هي تسرّعه في توجيه اتهامات للجزائر''. وفي هذا الخصوص، قال المتحدث موجها كلامه للمعارضة الليبية أنه ''يتعين على المجلس كشف أدلة تورط الجزائر إذا كانت بحوزته، أما عدا ذلك فعلى المجلس الانتقالي أن يعلم بأنه لا يستطيع تغيير جارته الجزائر''. وكشف المتحدث أن ''المجلس الانتقالي يضم جناحا راديكاليا وآخر معتدلا، وللأسف الجناح الراديكالي الذي يمثله عبد الحفيظ غوقة مثلا يعتقد أن توزيع الاتهامات تجارة مربحة ويمكن أن تجلب له المصداقية''. وأمام هذه المشكلة، يقول عبيدي ''لجأ المجلس الانتقالي لتعيين أكثر من متحدث باسمه، فقد علمنا أن بعض أعضاء المجلس انزعجوا من اتهامات غوقة للجزائر''. وبخصوص الجزائر، يعتقد حسني عبيدي أن ''دبلوماسيتها ارتكبت أخطاء هي الأخرى منذ البداية، فهناك في الجزائر للأسف من هوّن من الانتفاضة الشعبية في ليبيا''. ولتصحيح الخطأ، يعتقد المتحدث أن ''الجزائر مدعوة لفتح خط مع جزء من الشعب الليبي، وهذا لا يعني الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الآن، وإنما من خلال المساعدات الإنسانية مثلا''. مضيفا بقوله ''من مصلحة الجزائر الاستراتيجية أن تبقى على مسافة واحدة من طرفي النزاع، كما تفعل تركيا التي تحظى بمصداقية القذافي والمعارضة في آن واحد''. ويوجه الخبير الاستراتيجي حسني عبيدي نصيحة للثوار وممثليهم في المجلس الانتقالي في طريقة التعامل مع الجزائر بالقول ''يجب عليهم ألا يكونوا أداة في أيدي قوى أو دول كبرى تريد تصفية حسابات مع الجزائر''. ويعود المتحدث لانتقاد التراخي الجزائري في التعامل مع الشأن الليبي منذ البداية بالقول ''الدبلوماسية الجزائرية كان أداؤها متواضعا في التعامل مع أزمة تهمها أكثر من تونس ومصر، لأن حدودها أصبحت مكشوفة ومهددة بالخطر، وأكثر من ذلك فإن سقوط نظام القذافي يعني أن أوروبا ستصبح جارة للجزائر''.