لاحظت إعلامية أمريكية تتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اختلاف واقع ''الإعلام الحديث'' عبر المدونات والمواقع الاجتماعية في الجزائر عن تونس ومصر ما قبل ثورتيهما، على أساس فارق بسيط في حجم الحريات، لكن ناشطين جزائريين رأوا أن مساحات الحرية ''لا تختلف في شيء عن باقي الدول الشمولية والقمعية''. ناقشت الإعلامية الأمريكية إليزابيت براينت، التي تستقر في باريس، مسائل الإعلام الحديث ضمن مسلسل الثورات العربية ''الربيع العربي''، وملامح الصحافة من بعد ظهور هذا السلوك الإعلامي الجديد قياسا للصحافة التقليدية، سيما الصحافة المكتوبة. وأفادت إليزابيت براينت أن الصحافة العالمية تراقب جزءا من الحراك الشعبي في الجزائر عبر الوسائط الإلكترونية الحديثة، من خلال المواقع الاجتماعية فايسبوك وتويتر والمدونات. وقدمت الإعلامية الأمريكية، أمس، أمام إعلاميين جزائريين وناشطين حقوقيين ومدونين، عبر ''محاضرة عن بعد'' بمقر السفارة الأمريكية بالعاصمة، تجربة حضورها للعاصمة لتغطية مسيرة للشباب يوم 19 مارس الماضي، على أساس أنها ''نتاج متابعة الشأن الجزائري عبر الإعلام الحديث''. وأضافت: ''حصلت على تطورات هذه المسيرة عبر الفايسبوك لكنها لم تتم حسبما لاحظت في العاصمة، وكان هناك عدد هائل لرجال الشرطة''، وتضيف: ''الأنترنت بدأت تقدم للصحفيين المحترفين فرصة جديدة للاطلاع على التطورات بدلا من الاتصال بأشخاص على أن يقدم الصحفي المحترف باقي المعلومة بشكل احترافي وأوسع''. وتنسحب هذه الملاحظة على باقي الدول العربية في الفترة الحالية، ضمن ما يعرف ب''الربيع العربي''، واستعرضت إليزابيت براينت ما يحصل في سوريا نموذجا لما يمكن للإعلام الحديث أن يقدمه: ''كثير من وسائل الإعلام الغربية اليوم تقدم مواضيع عما يحصل في درعا السورية لكن من القاهرة.. بفضل تسجيلات مصورة تبث عبر اليوتوب وباقي المواقع الاجتماعية على شبكة الأنترنت''. والشكل نفسه تأخذه المواضيع فيما بعد ''بعد إنجاز الصحفيين المحترفين لعملهم، يتم تنزيل المادة عبر الوسائط الاجتماعية نفسها، وحتى المقالات المكتوبة تترجم مسموعة كما تفعل مثلا صحيفتا نيويورك تايمز الأمريكية ولوموند الفرنسية''. وتلفت المتحدثة الانتباه إلى تحولات تطرأ على مهنة الصحافة نتاج الإعلام الحديث: ''الصحفيون تعودوا على الإعلام التقليدي، لكن الإعلام الجديد يغير طريقة عملنا''، ففي ''تونس الثورة التي فجرها محمد البوعزيزي في سيدي بوزيد لم تكون لتظهر لولا مدونون تونسيون وعالميون، ومن خلال المدونات على شبكة الأنترنت تحركت صورة الشاب المنتحر عبر مختلف أنحاء العالم''. وعن أسباب عدم بروز عدد كبير من المدونات الإلكترونية في الجزائر، قدم متدخلون ضمن نقاش مع الإعلامية الأمريكية إشكاليات ''انعدام الحريات في الجزائر وممارسات قمعية من نتاج عمل الأجهزة الأمنية في فرض رقابة على الرأي''. ورأى متدخلون أن ''تنوع الصحافة لا يعني وجود حريات''، كما يكمن الاختلاف مع تونس ومصر في أن ''الوصول إلى الأنترنت ليس إلا في متناول جزء بسيط من المجتمع، وهو الجزء الأقل اهتماما بضرورة التغيير والبحث عن حريات أكبر''.