تواجه المجتمعات الإسلامية ''فوضى الفتاوى'' جراء تحرير هذا الفعل الفقهي الحساس، بفعل تكاثر مصادر ومراكز الإفتاء، وتدخل ''الفتوى الإلكترونية'' التي شوشت ''أمن واستقرار'' هذه المجتمعات التي لم تعد سلطاتها السياسية والدينية تتحكم في توجهات المجتمع. هذا الموضوع، وغيره من المواضيع المتعلقة بالفتوى الشرعية، يناقشه علماء الدين الإسلامي القادمون من مختلف الدول، في الملتقى الذي تنظمه، منذ يوم أمس، وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، في إطار فعاليات تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية'' على مدى ثلاثة أيام. ويقول الدكتور بومدين بوزيد، مدير الثقافة الإسلامية بالوزارة، إن النقاش الذي يقترحه الملتقى يهدف إلى ''تحديد إعادة الفتوى إلى أهلها، وتشخيص أسباب الفوضى الحاصلة في مجال الإفتاء، وما سببته القنوات الفضائية من اضطرابات سلوكية، سواء دينية أو اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية، في الممارسات اليومية للمجتمعات الإسلامية التي صارت تعيش تحت تأثيرات متنوعة ومتناقضة. في حين أنه من المفروض أن ''الفتوى كمؤسسة'' هي التي تحدد معالم هذه السلوكيات بناء على مرجعيات فقهية وتاريخية تحمل تلتزم بخصوصية المجتمع التي تصدر له الفتوى''. ولقد كانت الجزائر ضحية ''الفتوى العشوائية أو الموجّهة سياسيا'' خلال الأزمة التي مرّت بها في التسعينيات من القرن الماضي، عندما تدخّل ''مفتون'' يعملون في إطار ''مخطط ظهرت أهدافه'' أو ''أعيان'' مذاهب متطرفة ''أحلّت دماء الجزائريين''. ومازالت الدول الإسلامية تواجه ''متاعب'' مع ''مراكز الإفتاء هذه''، التي تصدّرت النقاشات الدائرة في هذه المجتمعات التي خرجت شعوبها إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير. وأقحم ''مفتون'' أنفسهم في التحولات التي تعيشها هذه الشعوب، مسبّبين انحرافات عن المقاصد الأساسية التي خرج الناس بسببها إلى الشوارع. وبينت الأحداث التي تعيشها الدول العربية أن نفس الدوائر ومراكز الإفتاء هي التي أعادت التموقع بعد الذي سببته فتاويها، نهاية القرن الماضي، من متاعب للشعوب الإسلامية. وبرأي مدير الثقافة الإسلامية في وزارة الشؤون الدينية، فإنه ''كما كان كبار العلماء وأهل الفتوى في الجزائر والمغرب العربي بصفة عامة، من متصدري مجابهي ''دعاة التكفير'' ومنهم الونشريسي والمغراوي، فإننا مطالبون بالعودة إلى مرجعيتنا، خاصة وأن الفتوى صارت هي الأخرى ''صناعة'' تتكفل بها ''مؤسسة'' نظرا لتنوع الحاجة إلى المرجعية الدينية الواضحة، المتأصلة التي تحقق الأمن والاستقرار اللذين يعدان السند الأساسي لأي فعل اجتماعي، ثقافي، اقتصادي وسياسي''.